حيدر عاشور - أزمة.. قصة قصيرة

الظهيرة حرارتها تثير اشمئزاز الكثير من أصحاب المركبات وركابهم وهم واقفون بالطابور الظهري اليومي الذي اعتادوا عليه يوميا لأسباب كثيرة ومتغيرات جعلت من الشارع أكثر تلوثا بكثرة هذه المركبات على اختلاف أنواعها في ذلك الشارع المهم الذي يمر به جميع المسؤولين صباحا ومساء وبكل الأوقات، لذلك لم يمر يوم لا يحدث فيه شيء مثير يربك البسطاء و(الكسبة) من الناس ... فالرصاص الذي يطلق من مرافقي سيارات المسؤولين أصبح بديلا عن منبه السيارة العادي ، ما أن تسمع صوت الرصاص عليك أن تتجنب القتل أو الإصابة ... وهذا الشارع المثير كان متخما بالسيارات المتراصة والمتشابكة لا حراك في السير ولا قدرة على الإزاحة ومنبهات سيارات المسؤول تصفر صفيرا غير اعتيادي والمرافقون اخذوا ينزلون مدججين بالسلاح راكضين باتجاه الأمام لحل أزمة هذا الاختناق خوفا على المسؤول من القتل وآخرون تجمعوا حول سيارته بشكل دائري وجوههم إلى الخارج وظهورهم باتجاه السيارة، وهم شاهرو السلاح استعدادا لإطلاق الرصاص على كل من يحاول الاقتراب...حاولت امرأة مسنة اجتياز السيارات لغرض العبور الى الجهة الثانية وهي تمشي مشية متعرجة لولبية بين السيارات فكان الطريق نوعا ما سالكا قرب سيارة المسؤول.. تراكضوا عليها وطرحوها أرضا ومن ثم اعتذروا ،وعبَّرها احدهم وهي تنظف ملابسها من أوساخ الشارع تراجع أغلبية المارة راكضين راجعين الى مواقعهم أو السير باتجاه بعيد عن موكب المسؤول ...رجعت كوكبة من المرافقين احدهم يعطي للأخر موقفا : الطريق مغلق تماما لسوء إدارة شرطي المرور ووجود عسكريين وشرطة محلية وبتدخلهم زادوا في شدة الازدحام... الآن الشارع عالق تماما.
تكاثروا حول سيارة المسؤول بشكل مثير للجدل وحرص شديد وخوف من شيء سيحصل .. جميع أفراد الحماية شاهرو أسلحتهم... وبقوة اخرجوا أصحاب السيارات القريبة من سيارة المسؤول... انتبه الناس وأصحاب المحال و(الجنابر) على جانبي الطريق ... ركض شخص بالصدفة محاولا الاجتياز سريعا رفعت عليه الرشاشات والمسدسات وأطلق احدهم طلقة في الهواء، وبدأ الهرج والمرج الناس تتراكض بعيدا عن سيارة المسؤول ,,أصحاب السيارات الأخرى نزلوا راكضين مبتعدين عن المكان،أصحاب المحال أغلقوا أبوابها وسقطت (الجنابر) في الشارع وتناثرت بضاعتها سقط طفل على الرصيف من الخوف انشق جبينه وخسرت سيده جميلة عباءتها بعد أن سحبتها موجة الراكضين .... مرافقو المسؤول تجمهروا جميعهم حول السيارة وتركوا سيارتهم الأخرى.. أصبح الشارع فارغا والسيارات متشابكة والناس مبتعدين لمسافة بعيدة ينتظرون حدثا ما أو مجابهة... احدهم يقول للأخر:
- سيارة مفخخة، ألا ترى اعتقلوا السائق القريب من سيارة المسؤول.
- قد يكون شخصا مفخخا, أنا شاهدت امرأة تقترب منهم وتمكن منها مرافقو المسؤول.
وأصبح القال والقيل بين الناس وهم شاخصون بأبصارهم نحو سيارة المسؤول المنتشر حولها المرافقون جميعا...جزء من السير الأمامي قد تحرك بفضل تدخل رجال المرور وأخذت السيارات تدور بحذر شديد ولم يبق سوى السيارات القريبة من سيارة المسؤول ... تراكضوا راجعين الى سيارتهم وتحركت السيارات وانفتح اشتباك السيارات القاتل ولم يحدث أي عمل إرهابي أو تعرض لشخص المسؤول وحين انطلقت السيارات بعيدة عن المكان رجعت الحياة بسرعة البرق لطبيعتها ورجعت المحال ترفع أبوابها وشرعت (الجنابر) تلملم بضاعتها وعرضها وأصبح الناس يخترقون الشارع عابرين دون خوف وفجأة تجمهر الناس في نفس مكان سيارة المسؤول فوجدوا أثار غائط رائحته كأنها رائحة إنسان ميت ... فتبين أن المسؤول كان في أزمة إرهاب البطن والتواءاتها التي تزامنت مع ازدحام الشارع ولم يستطع السيطرة على نفسه فغلق المكان من اجل راحته الجسدية.

*حيدرعاشور
*قصة قصيرة من مجموعة (زَهَايْمَرات)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى