محمد أحمد شمروخ - قارورة.. قصة قصيرة

قارورة

مثلُ قارورة فارغةٍ تتقاذفُها الأمواج ُ، وحيدًا على أرصفةِ المساء ِ، أبحث عن وجهي الذي تاهَ ، أتذكره ، كان يجلس على مقهى الصمت ِ منذ أعوام .
من أين أبدأُ البحث ؟ من تلك الشجرةِ العتيقةِ التي تسكنُ أطرافَ قريتي، أم من المجرى المائي الذي يشق الزراعاتِ التي أصابها الوهن ، بل منزلي القديم لم أجد البيت الذي أعرف مكانَهُ، في شارع طفولتي ، أنتحي جانبًا ، أتخيلُ ملامح البيوتِ القديمة ِ، أقيسُ المسافاتِ بخطواتي، هنا بيت الحبيبةِ، بجواره ِ بيتُ مَن هاجروا، تلك المساحة التي تشبهُ الدائرة تتوسطُ البيوتِ ، مرتع أحزانِنا وأفراحِنا .. الترابُ يرتفعُ على عتباتِ البيوتِ، بعد رحيل ِ صبايا الشارع ِ ، وغيرُ بعيد تسكنُ الشجرةُ العجوزُ، أنا أعرفُ جيدًا مكانها ، بمجرد أن أنظر ناحية الاتجاه ِ الشرقي، صفّ ُ أشجار ِ السرسوع ِ تتوسطهم شجرتُنا ، رغم وقوفي في نفس ِ المكان ِ ، ليس هناك إلا بعض بيوتِ متناثرة كأشجار ٍ صحراوية ٍ تسكنها الوحدةُ
أتعبني البحثٌ أجلس على أعشاب النجيل الندية، أغمضٌ عيني
ابن عمى الأسمر يصنعٌ طبقاتَ الترابِ والماء ِ ، يكتملٌ البناءَ بإصبَع ِ السبابة ِ أنغزه يندفع الماء يقعُ ما تم بناءَهُ. سافر منذُ سنواتٍ ذلك المتمردُ : تنقطعُ أخبارَهُ، تعلمتُ منهُ كيف أصطاد الأسماكَ، في بُقع ِ المياه ِ المتجمعة أثناء الشتاء.
بنفسِ ِالخيبة ِأبحثُ عن المجرى المائي، الذي كنت أعومُ فيه وأشاغبُ أترابي ، أينَ مكانه؟ أقفُ في نفس ِالمساحة ِ ، يخلو المكان إلا من بعض ِ فتيان يشاهدون مقاطع فيديو، على هواتفهم النقالة، أتجهُ إليهم لم يعروني انتباها
أُلقى السلامَ يمتعضُ الأولادُ، من ذلك الغريب ِ الذي يتجولُ منذُ الصباح ِ في جنوب قريتهم.
مثل قارورة ٍفارغة ٍملقاة أسفل كرسي تتمايلُ مع حركة ِ القطار ِ ، أُسافرُ .. لا أعرفْ إلى أين ؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى