ريم خيري شلبي - الوجوه العابسة..

عندما أخذنى أبى من يدى ودخل بى مبنى الإذاعة والتليفزيون لأوقع على عقد عملى تصورت يومها أن أبواب الجنة قد فتحت لى..

رجعت إلى البيت وجدت أمى بإنتظارى تقف فى شرفة منزلنا وعينيها تمشط الشارع يمينا ويسارا ، لم يكن وقتها هواتف محمولة لتطمئن على اخبارى ، كانت فرحتها بالغة وحينما أخبرتها بالراتب قالتلى (مش مهم بكره هيزيد)، لم يعرف يومها النوم طريقه لعينى ، تارة أفكر فيما سوف أرتديه غدا وأنا ذاهبة لعملى فى اليوم الأول ، وتارة آخرى أحلم بالعالم الجديد الذى سوف أدخل إليه ؛ وأخيرا دقت الساعة السادسة وقمت من نومى وأرديت ملابسى وذهبت إلى إتحاد الإذاعة والتليفزيون ماسبيرو الدور الثانى استديوهات الإذاعة..

لم أتوقع طيلة حياتى أننى سوف أجد فى هذا الجهاز الذى تنطلق منه الأغانى التى أعشقها والتى طالما غيرت لون الحياة فى عينى ، كل هذه الوجوه العابثة ، الكل داخل فى منافسة مع الكل ، نساء حزينة ونساء متفتحة نساء جريئة ونساء متحفظة ، والكل يحاول جذبك اليه ، المهم أننى واجهت كل تلك الأيام الصعبة وحاولت أن أستخلص منها ما يعيننى على تحمل هذا المبنى المريض الذى يحاول أن يقف على قدميه ومواجهة تحديات وصعاب كثيرة، هون عليا صعوبة الأيام لقائى بشخصيات لم أكن أحلم يوما أن أصادفها ولا أتعامل معها وجها لوجه ..

إلى أن جاء اليوم الذى أخبرت فيه رئيستى فى العمل أن غدا 25يناير سوف يوجد مظاهرات إحتجاجية فى البلد ، نظرت لى وأخبرتنى بضحكة ساخرة أنهم حبة عيال فاضية ومش هيحصل حاجة ، نظرت إليها واخبرتها أنهم ليسوا حبة عيال وأن الموضوع ليس بهذه البساطة ..

ذهبنا إلى الميادين وإعتصمنا داخل ماسبيرو وطالبنا بالتغيروهتفنا الشعب يريد تطهير الإعلام وتمت بعض التغيرات السطحية من باب طاطى لحد الريح ما تعدى ، للأسف بقى الحال كما هو عليه اليوم نحن وأقصد بنحن حبة العيال اللى كنا مع الثورة نلاقى أسوأ معاملة من قيادات ماسبيرو ونعامل معاملة المجرمين أثناء دخولنا من بوابة التليفزيون وعندما تعترض يرد عليك موظف الأمن(مش عملتوا ثورة استحملوا) ، احنا فعلا عملنا ثورة واستحملنا وشوفنا ايام صعبة عشان نظبط الدنيا للبيه والباشا الجداد وكأننا غيرنا طقم بيضات للأنتريه..أقول قوللى هذا ورزقى على الله.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى