فراج فتح الله - عصافير.. قصة قصيرة

حبيبتى تعشق العصافير.. دائمة التطلع لها على الأشجار، وداخل الفترينات، تجمع صورها من الكتب والمجلات تقصها بحرص وتلصقها بحيطان غرفتها زرقاء الطلاء، عصافيرها صغيرة وملونة، وأيضا يمام بنى، وحمام أبيض .
تبدل طريق عودتنا للبيت.. حتى تمر من أمام محل بعينه داخل ممر جانبى، تسحب كفها من كفى، وهى تقول لى فى لهجة أمره، وهى تشير بإصبعها:
( انتظرنى هنا، سأشاهد العصافير) .
تتطلع للمعروضات أكثر، أرها من على بعد، ألاحظ أنها تقدم رجلا وتأخر الأخرى، حتى تدلف لداخل المحل، وفى كل مرة، تخرج وهى خاوية الوفاض، ويرتسم على وجهها كل ملامح السعادة. لم أكن أعير الأمر أى اهتمام، مرة واثنتان وثلاثة، وفى عيد ميلادها العاشر أهديت لها زوج ملون من العصافير، لطالما تطلعت له بالساعات، وضعته داخل قفص ملون أيضا. وغلفه لى البائع حتى يبدو كهديه فاخرة.. أدرت المفتاح بالباب ..
وناديت:
"سلمى هدية عيد ميلادك يا عمرى".
كانت عيناها تلمع، وهى تفض الغلاف، تجرى على تقبلنى، وهى فرحة، وتعود للفافتها تفك اللصق، كأنها ترفرف، كانت لا تريد أن تتأخر عن التعرف على ما بداخل الصندوق الضخم. أخذت تفض الغلاف بحرص شديد رغم اللهفة، وكلما تكشف ما بداخله كانت ملامحها تنقبض، وتنقبض... لم تفرح، ولم تشكرنى، سارت بالحجرة ذهابا وآيابا مرة واثنتان وثلاثة وهى عابثة. ولما رجعت فتحت باب القفص، تركت العصافير تطير... تطير..



منقول عن:
بوابة الحضارات | قصة قصيرة.. عصافير

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى