محمد السنوسي الغزالي - ابو العذارى!.. قصة قصيرة

كان يوما حالكا لم تبان فيه شمس..غائما..حارا..رطبا ..تنقلب فيه السحنات..يوما بإختصار شديد..من له حدس يحس ببؤسه ورداءته وسوء الطالع فيه..رغم ان ابى علمنى الا اتطير..فشكرا له على هذا التناقض الذى زرعه فى ذاتى..قلت لكم انه يوم حالك لاشمس فى نهاره ولاقمر ولانجوم ولاسماء صافيه فى ليلته..يوم..ليس ككل الايام ، او كما بدا لى... يوم يختلف..مغاير..عندما خرجت من المنزل فى صباحه احسست بإنقباض شديد وكأن شيئا عظيما سيحدث..شىء ربما تضخم فى رأسى.. صحيح انى من النوع المندفع..ولذلك اصدم بحقائق مذهلة بعد ان افيق من شرودى وانفعالى واندفاعى!!..لكن هذا اليوم يختلف..ربما فيه شىء مما ذكرت حول الاندفاع..فما الذى حدث فى هذا اليوم بالذات؟؟..فى هذا اليوم ومن قعر الحكاية..فى هذا اليوم المختلف..احتقرت صديقى سمير بعد عشر سنوات من الرفقة..واحتقرت معه الحاج ابو العذارى!! لماذا؟؟ ..هنا..بداية الحكاية التى قلت لكم قعرها..ولذلك كان ذلك اليوم يوم مختلف..لماذا لانى احتقرت سمير..شعرت نحوه بالتقزز..كدت ان اتقيأمن فعلته التى اعتبرتها اشنع من الشنعاء..

سمير شاب فى وسامة ا مرأة وصفها شاعر جاهلى..اذ قال عنها بما معناه ان قلبه تعلق بطفلة عربية..حجازية العينيين..رومية الكفل على ما اظن واتذكر وتتنعم بالديباج والحلى والحلل!! لاااذكر الا معانى القصيدة..وسامة سمير كانت تفوق المخيلة مهما رسمت وتخيلت وتفننت!! لذلك..من الطبيعى ان يكون فارس احلام كل بنات الحى والشوارع القريبة منا..رقيق..حساس فى مظهره..حريص على هندامه... تقليدى لايخرج الى الشارع الا بربطة العنق ..روائح التيوز الايطالية تفوح منه دائما..لدرجة انى اصبت بالعدوى نتيجة الدوار الذى يصيبنى كلما وصلت الى انفى روائح هذا العطر الفريد..فأصبحت استعمله لانه يبقى برائحته لعدة ايام..وسمير كان ذواقا فى كل شىء..فى الاكل والشرب وطريقة الحديث.. والهدوء المفعم بعمق غامض!! رغم ضحالة ثقافته..لكنه يلفت النظر فى كل جلسة يكون هو البارز فيها..وكنت احبه..ارتاح اليه..وكان مستشار غرام متفرد..ليس الا بسبب وسامته التى اعطته هذا المخزون من الخبرة حول النساء ونقاط ضعفهن..وكنت مؤمنا ايمانا مطلقا انه الوحيد القادر على فك طلاسم اى فتاة تحاول استعمال عقل المرأة فى التعامل مع العشاق..وكانت ااستناجاته..مثلما حقوقى ضليع فى مواد القانون واحابيله وحيله والخروج منه وفيه..بإختصار فتواه فى اى فتاة لايرقى اليها الشك..مرجعية مذهلة فى هذا الجانب..لذلك ربما لم افكر فى جوانب اخرى فيه الا فى ذلك اليوم الحالك؟؟!!وفى بعض جوانب حياته اشياء غامضة لاتفهمها ولايدلى بها لأحد..منها انه تزوج من قريبة له واقام عرس خرافى..وليلة زواجه حاولت الانتحار عدة فتيات من الحى دون ان يدرك ذويهن السبب..لكن فى تلك الليلة بالذات عجت المستشفيات بعشرات الفتيات اللائى حاولن الانتحار بسبب زواج هذا الاسطورة بالنسبة لهن!! وكان العرس ايضا اسطورى مثلما هوالعريس!! لكن لسبب ما..هربت العروس بعد اسبوع من العرس المهيب ولااحد يعرف السر..ولااهل العروس ولااهل العريس..لاأحد يعرف..حاولنا نحن الاصدقاء بطريقتنا الخاصة معرفة السبب بعيدا عن غموض سمير..لكن يبدو ان العروس لم تذكر الاسباب حتى لاقرب صديقاتها..استغلالنا للفتيات لم يفدنا فى شىء..بقى هذا السر غامضا..لم نسأل سمير ولم يشفى هو غليلنا!! ومرت سنوات وعادت الامور كما كانت رتيبة مملة..جلسات سمر يومى..سمير يستمر فى غرامياته ومشوراته..مع ذلك كنت احب سمير حبا شديدا..لانه


كان كريما طيبا فى مظهره على الاقل..وقد علمنى ابى ان احكم بالظاهر..لست مسئولا عن الضمائر وما تخبئه النفوس..الى ان جاء اليوم الذى احتقرت فيه سمير .. فكيف حدث هذا؟؟

بداية القصة من ا بو العذارى الذى يعمل عنده سمير... ابو العذارى قبل ان اقرر احتقاره هو الآخركنت اراه رجلا طيبا..صاحب محل.. غنى..متواضع..يعمل سمير عنده منذ سنوات..لكن فى ذلك اليوم عندما دعا سمير الى العشاء فى منزله ..وابو العذارى ليس لديه سوى اربع بنات وامهن..وكان يمكن ان يمر الامر بهدوء..لولا ان سمير بعد ان روى لى ما حدث دفعنى الى احتقاره واحتقار ابو العذارى ..

يقول سمير انه تناول عشاءا فاخرا فى بيت ابو العذارى الفخم..قال ان الطعام يدل على ان الطاهيات ماهرات..او هكذا هو رأيه..والامر الى هذا الحد عادى..لكن الذى ليس عاديا ان سمير يقول مردفا : البنات جميلات لكن لسن من اللاتى يروقن لى..اذا تزوجت لن اتزوج من هذا الصنف..دهشت لهذا القول..اذن الوليمة لسبب ما!! ابو البنات اخذ سمير الى المنزل لكى يعرض عليه بناته و يختار واحدة منهن ليتزوجها..لكن سمير لم تحلو فى عينه اى واحده منهن...لذلك كان ذلك اليوم بالنسبة لى مضنيا مكفهرا لاشمس فى نهاره لاقمر ولانجوم ولاسماء صافيه فى ليله..احسست بالغثيان والمرض والانضغاط.. ما الذى يدفع اب الى عرض بناته بهذه الصورة ؟؟..احتقرت سمير..هجرته..هجرت الاماكن التى يرتادها..توفى ابو العذارى بعد سنوات..وبناته بقين بلا زواج لكنهن مثال للعفة والعصامية..ظللت بضعة سنوات احتقر الاثنين..بعد ان تزوجت..وانجبت البنات..وعرفت قسوة الحياة..ورأيت نفسى فى صورة ابو العذارى..احتقرت نفسى لانى احتقرت هذا الاب دون فهم....توقفت عن احتقار ابو العذارى وظللت محتقرا لسميروبعمق ..

لارنكا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى