فاطمة بن فضيلة - البحر أرحم من مبغاكم.. شعر

كنا أنا و ليلى و سلرى
و شاعرة من مدينة بعيدة
سقط اسمها من فمي
و أنا أهتف في شارع الضباب
ربما آمنة أو عائشة أو خلود
و كانت معنا مغنية سمراء
أهمس لها كلّما جفت الحروف
في حلقي
“غنّي يا سلاف”
كان البحر بعيدا و مقهى الميناء حلما
لن نطاله الآن
لنجلس في حانة هتفت ليلى
أنا ربّة الحانات
لندخل و لنوقّع قصائدنا للسكارى
و العابرين و يتامى البلاد
“المقهى أسلم” هتفت سلرى
لم يكن يهمّني أن ندخل بارا
أو مقهى أو مسجدا
لم لا ندخل مبغى و نوقع قصائدنا
للعاهرات
ضحكت صديقتاي و غنّت سلاف
“يا روح سلّم الروح و للروّح بلّغ سلامي”
الليل يداهمنا و البحر أبعد من أحلامنا
و الأزقّة تفتح أفواهها و تتسع
مرّ فتى
رمانا بنظرة عاشقة و عبر
تعرفينه؟ سألت ليلى
لا. أجبتُ
-فاطمة…. صرخت
-عبر قصائدي مرّة و سقط اسمه من فمي
و أنا أغنّي: ” لو كان النار الّي كوتني كواتك”
الأسماء لا تسقط ، الأسماء تصعد الى الأعلى
همست سلرى و هي منشغلة بتفكيك قصيدة جديدة
البحر أبعد من أحلامنا
فتحة في الزقاق الأخير تبتلع أقدامنا
لم يكن مقهى
لم يكن حانة
كان مبغى كبيرا
يسمّونه مجازا “وطنا”
يعبر الفتى ذو النظرة العاشقة
يحمل اسمه بين يديه كما يحمل منذور للموت كفنه
الأسماء لا تصعد الى الأعلى يا سلرى
الأسماء أكفان تلفّنا لحظة الرّحيل
غنّي يا سلاف
جفّ الحلق و تاهت الأقلام بنا
“البار أرحم من مبغاكم” هتفت ليلى
أنا ربّة الحانات، أوزّع الشعر في كؤوس بيضاء
السكارى قطع زجاج صغيرة تلمع دون ضوء
شفيق بوهو يفتتح الأمسية
” ربّة الحانات توقّع قلبها
هل من مشتر”
البار أرحم من مبغاكم، صرخت ليلى،
منذ أبي و أنا أرتاد البارات
و أعرف منافذ الروح فيها
البارات لا تكذب يا أبي
شفيق بوهو يوزّع القصائد في كؤوس حمراء
ترتعد سلرى ” المقهى أسلم، لن أوقّع قلبي على أعتاب السكارى
المقهى أسلم”
البحر أبعد من أحلامنا
زوارق الورق التي صنعتها لي مجازا في احدى قصائدك
تغرق الآن بلا ماء
البحر أبعد من أحلامنا
و البار أرحم من مبغاكم
المبغى الذي سميتموه مجازا….. وطنا

* منقول عن:
https://www.intelligentsia.tn/البحر...VR6xbah8Em4Nv6RUh7V4eDtBmKUK5qY-pp1QUlUq6PjaA

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى