بانياسيس - ابتلاع مفارق - قصة قصيرة

دندو .. دندو السمين.. يفغر فاه ويقفله كسمكة تحتضر .. يهرش صدره ذو الثديين بأصابعه المنتفخة.. دندو.. يختنق... صدره عار وجسده ملقى على عنقريب خشبي مجدول بالحبال الخشنة ، تحت ظل شجرة أرقط ، والهواء يدخل ساخنا الى خياشيمه كتنين مقلوب. دندو مغمض العينين يفتل حاجبين صغيرين غير مكتملين ووجنتاه سمراوان تظهر فيهما شعيرات دموية حمراء صغيرة... أمرد ولامع البشرة... وفوق شفتيه تطن ذبابة وتدور بقلق ؛ تقتحم فمه ثم تطردها رائحته الى الخارج ، تعود وتدور ثم تقر على فتحة منخره اليسار.. تدخل رأسها وتخشى الالتصاق بصمغيات أنفه الدفاعية... دندو يترك غنيماته ترعى في صحراء قاحلة ، تأكل الحشرات الجافة بشره وتلعق ظهر العظاءات ذات الحراشف ، تشم الرمل بأمل ، وعيونها ناعسة يقتلها الجوع والإرهاق. ودندو لا يفكر سوى في رقدته تلك... دندو السمين لا يفكر فيها وهي تعذره دائما بكل حنان المستعبد لسيده. لا تقتربي منه.. تقول إحدى الغنمات..لا توقظي الفتى فكم هو متعب... فتدور الغنمات مبتعدات عن سريره.. الشجرة الشوكية ذات الظل المرقط تنفث ثاني أوكسيد الكربون وليس الأوكسجين.. ودندو يبتلعه بتلذذ... الأرض هنا بخار ماء يغلي... ودندو لا يفكر في شيء.. ولا حتى يرغب في أن يحلم.. ومن البعد كثبان صغيرة متفرقة رسمت على شكل موجات متوازية لا تخفى خطوات حشرة مرتبكة قطعت مسافة عشرين مترا بكل حزم إرادتها الممكنة ثم نفقت تحت خطافات حشرة أكبر... غرست داخلها السم فارتعش جسدها الورقي الجاف ، تكورت على نفسها واندفنت الحشرة المجرمة بضحيتها تحت الرمال.. عشرون مترا قطعتها بشعيرات قدمية متعبة لكي تطعم حشرة أخرى. يا لسخرية الكون. ودندو مع ذلك يفتح فمه ويغلقه كسمكة خارج الماء تحاول التنفس بلا جدوى. يهرش ثديه اليمين تارة واليسار تارة أخرى ثم ينحدر داخل هوة اللاوعي. ينقلب على جنبه تارة .. مؤخرته صغيرة لا تتناسب وجثته العلوية.. صغيرة وجافة بل وفوق هذا سوداء متقشفة.. يا لمؤخرتك يا دندو.. إنها أقل لطفا مما لا تعتقده..حيث خيالك المعطل المشنوق دوما في ظل شجرة مرقط...غنمة من الغنمات السبع تذهب بعيدا... وتراقبها الأخريات كصبايا بريئات يراقبن مجون إحداهن المفاجئ. أين ستذهبي.. تصرخ إحداهن.. ولكن تلك لا تلتفت إليهن..تسير مبتسمة بثقة... رافعة رأسها بخيلاء... عودي.. يصرخن .. لكن صراخهن يزدها شجاعة على التقدم إلى الأمام... ترى على الأفق كثبانا صغيرة وراءها كثبان وراءها كثبان وراءها كثبان فتجفل... تصرخ بفزع وتدور مرتعبة نحو أخواتها وتراهن من بعيد فتهرول نحوهن كما لو مسها شيطان. أخواتها يتنفسن الصعداء .. وحين تنحشر وسطهن وتبدأ في تشمم الرمل يتفرقن هن كذلك ليتشممن الرمل.. ودندو المجندل على جنبه لا يشعر بشيء.. يغرس خنصره في فتحة شرجه ويحكها بترو دون أن يستيقظ... ثم تتدلى يده أمام بطنه ويشخر من أنفه الصغير...الغنيمات يرفعن رأسهن نحوه... الشمس قتلتنا يا دندو... تقول إحداهن محذرة.. لا توقظوه كم هو فتى مسكين... لكن الشمس اتعبتنا.. تلتفت العجوز اليهن وتقول: دعونا نلتف حول سريره علنا ننعم ببعض الظل... تقول أصغرهن المدللة: أشعر بعطش قاتل... تجيبها الوسطى: لن نوقظه مهما فعلت فلا تحاولي البكاء.. يتحركن جميعهن ويلتففن حول سريره.... الظل المرقط أفضل من لا شيء... تحاول المدللة النفاذ تحت العنقريب لتنعم بظل دندو نفسه... تلقي رأسها على الرمل وتغمض عينيها.... الصمت يتخثر .. الصمت والهواء الثقيل يتعانقان بجسد واحد... تشعر المدللة بقطرات ماء على رأسها... ترفع رأسها وتلعق مؤخرة دندو بخفة... كان يتبول على نفسه.... رائحة بوله نفاذة ولونه أصفر فاقع... لكنه كان لذيذا بالرغم من كل شيء.. خيط البول تسرب من ذكره الصغير الى خصيتيه ومر بشق إليتيه ثم أخذ يقطر فوق رأس المدللة... العجوز قالت: لا تشربيه .. هذا سم.... اعتقدت المدللة أن العجوز تحسدها فغضبت وبحركة عجلى واحدة لعقت بلسانها مؤخرة دندو... قفز دندو مفزوعا وهو يحك مؤخرته ويبكي... فعلها الشيطان..فعلها الشيطان معي... أخذ يجري وهو يجأر بالبكاء فتبعته الغنمات... وهن يصحن: انتظر .. لا تسرع هكذا...
اختفى دندو والغنمات.. وكذلك الشجرة ذات الظل الأرقط.. وحتى الكثبان... ٢٠١٩٠٢٢٦_٠٣٤٤٥٥-1.png
٢٠١٩٠٢٢٦_٠٣٤٤٥٥-1.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى