على حزين - التآكل.. قصة قصيرة

لملم أوراقه ببطء .. استدار قائماً .. نظر في ساعة الحائط .. بينما الشمس تنعكس من الزجاج .. يخرج نظارته السوداء .. من جاكت البذلة الرمادية , يرتديها .. يقترب من الدولاب .. يمسح بيديه ذات العروق الناتئة أحد الرفوف .. يمسك دوسيهاً .. تآكلت ألوانه الرمادية.. ينفض عنه التراب .. يحملق بعض الشيء.. نحو المباني العتيقة .. فتتراءى له الأشجار.. والعربات كنواة .. القطار يخترق صوته محيط اذنيه الثقيلة , كان المكتب يحمل جبالاً من الملفات بدأ عليها التآكل .. منذُ استلامه العمل , وأوتي به إلي هنا حيث المكتب الخشبي الذي يئز دائماّ .. والدولاب التي تئن رفوفه من كثرة ما حمل .. يجلس بصعوبة بالغة علي الكرسي .. الذي ما زال في مكانه علي الرغم من التهاوي الكثير .. من عليه.. يتوارى خلف الدوسيهات .. يفتح درج المكتب .. يشعل سيجارة .. يطرق هنيهة .. بينما تطير عينيه علي نتيجة الحائط .. ترتعش يده بالقلم .. يسحب نفساً عميقاً .. يضع إحدى رجليه علي الأخري .. تتسلل إلي انفه رائحة غريبه .. يصحبها صوت غريب .. فتدور عيناه في الغرفة , ينهض مسرعاً .. يشتم تلك الرائحة .. فهو يعرفها جيداًًً .. كان يتخلل بين الرفوف .. ككتائب قناصة تزحف ثم تتجمع القهري .. حيث المكتب .. وفجأة , وبعد محاولات دؤوبة .. انقض كقط متمرس .. علي فأر صغير .. يقفز عليه .. يركله برجله .. وهو يرتعش .. فيعود لمثلها .. ثم يستدير بخطوات واثقة .. يجمع شتاته .. يلكم صدره الواهن بقبضته .. يبتسم .. مزهواًًً , وهو يطوح بالفأر من النافذة .. ......؟!



على السيد محمد حزين ــ طهطا ــ سوهاج ــ مصر ــ

* من مجموعتى الاولى " دخان الشتاء "

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى