وليد قنباز - في الفصول والشهور ..

فصل الشتاء وشهوره:
هطلت أمطار كثيرة في الكانونين الأول والثاني ، هذه الأمطار دعتني إلى كتابة صراحة هذا الأسبوع بحيث تدور حول الفصول والشهور وماقيل فيهما أكان في اللغة العربية الفصيحة أم في اللغة العامية "الكلام المحكي" ..
ففصل الشتاء يمرعبر أربعة أشهر هي : كانون الأول ، كانون الثاني ، شباط ، آذار ،وبالتحديد من /21/ كانون الأول إلى /21/ آذار ، وقد قيل في الشتاء وعواصفه وأمطاره وثلوجه وبرده وجليده أقوال كثيرة نذكر منها ماورد في كتاب ((جواهر الأدب للهاشمي)) :
(وقال الشتاء): أنا شيخ الجماعة ، ورب البضاعة ، والمقابل بالسمع والطاعة ،أجمع شمل الأًصحاب ،وأسدل عليهم الحجاب ، وأتحفهم بالطعام والشراب ، ومن ليس له بي طاقة أغلق من دونه الباب ، أميل للمطيع القادر المستطيع ، المعتضد بالبرود والفرا ، المتمسك من الدينار بأوثق العرى ، ومن يعش عن ذكري ، ولم يتمثل أمري ، أرجفته بصوت الرعد ، وأنجزت له من سيف البرق صادق الوعد ، وسرت إليه بعساكر السحاب ، ولم أقنع من الغنيمة بالإياب ، معروفي معروف ، ونيل نيلي موصوف ، وثمار إحساني دانية القطوف ، كم لي من (وابل) طويل المدى (وجود) وافر الجدى (وقطر) حلا مذاقه(وغيث) قيد العصاة إطلاقه (وديمة) تطرب السمع بصوتها (وحيا) يحيي الأرض بعد موتها ، أيامي وجيزة، وأوقاتي عزيزة ، ومجالسي معمورة بذوي السيادة ، مغمورة بالخير والمير والسعادة ، نقلها يأتي من أنواعه بالعجب ، ومناقلها تسمع بذهب اللهب ، وراحها تنعش الأرواح ، وسقاتها بجفونهم السقيمة تفتن العقول الصحاح ، إن ردتها وجدت مالاً ممدوداً ، وإن زرتها شاهدت لها بنين شهوداً ..
ويقسم الشتاء بحسب التقويم الشرقي الذي كان متبعاً في عالمنا العربي إلى المربعانية (وهي أربعون يوماً)، والخمسينية ( وهي خمسون يوماً ) ، والمربعانية تبدأ في /21/ كانون الأول وتنتهي في نهاية كانون الثاني ، وأما الخمسينية فتبدأ من أول شباط وحتى /21/ آذار ، وتضم أربعة سعود ، وكل سعد مدته اثنا عشر يوماً ونصف وهي:
سعد ذبح (الذابح) – سعد بلع – سعد السعود – سعد الخبايا ، وفي آخر سعد بلع وأول سعد السعود سبعة أيام تسمى المستقرضات (العجايز) وتكون باردة جداً ، واللطيف ماجاء في الأمثال الشعبية حول ذلك كله ونختار منها مايلي :
- الشتاء شدة ..
- الدفا عفا والبرد جنون..
- بين كانون وكانون عند صاحبك لاتكون ..
- في كانون كنْ ببيتك ، كتر خبزك وزيتك ..
(واللطيف ماجاء في كتب اللغة عن معنى كانون) ونجتزىء فنقول : كانون الأول وكانون الثاني شهران بين تشرين الثاني وشباط قيل هو سرياني :اسم لفصل الشتاء، وقيل هو عربي مأخوذ من معنى الثقل لشدة برده وصعوبة الحركة فيه ، وهو أيضاً الموقد والمصطلى ويجمع على كوانين ، والكانونة:الرجل الثقيل الوخم لأنه يستتر منه الذي يجلس يتحصى الأخبار والأحاديث ، ونذكر قول الشاعر الحطيئة في هجاء أمه حين قال لها :
أغربالاً إذا استودعت سراً = وكانوناً على المتحدثينا
وجاء في الأمثال الشعبية عن شهر شباط :
- شهر شباط حلف مايخلي غسيل برّا ..(لكثرة هوائه وأمطاره)
- شهر شباط ماعلى كلامه رباط ..
- شمس شباط متل المخباط ..
- شباط اللباط ..
- شهر شباط مهما شبّط ولبّط روايح الصيف فيه ..
- الصيط لشباط والفعل لآذار ..
ولم أعثر على معنى لشهري شباط وآذار (لأنهما سريانيان) بكل معاجم اللغة العربية التي بحوزتي وفي مقدمتها معجم لسان العرب لابن منظور مروراً بالصحاح في اللغة والعلوم للشيخ العلامة عبد الله العلايلي والمنجد في اللغة والأعلام للأب لويس شيخو والمعجم العربي الأساسي الذي أصدرته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ..
وأما شهر آذار فهو المختص بأكبر رصيد في الأمثال المتداولة شعبياً ، ونختار منها :
- الدنيا بآذار متل العروس بدارها ..
- عمك آذار أبو الزوابع والأمطار ..
- خبي جمراتك الكبار لعمك آذار ..
- بـآذار تمشي السيول من تحت الحجار ..
- بـآذار يعشش الدوري وتورق الأشجار ..
- بـآذار طالع بقراتك برات الدار ..
- مية آذار تحيي البار والمابار ..
- في عشرين آذار بيتساوى الليل مع النهار..
- إن أقبلت آذار وراها ، وإن أمحلت آذار وراها ..
- السنة بـآذار ان كوننت ..
(ونحمد الله تعالى ان خصنا بأمطار غزيرة في الكانونين ونرجو منه ان يمدنا بأمطار مشابهة في آذار لتكون السنة خيراً كلها بإذن الواحد الأحد)
وأما مايتضمن الموروث الشعبي القائم على التجربة والخبرة وطول المدى في كلتيهما فهو :
- سعد الدابح مابيخلي كلب نابح ..
- بسعد بلع السما بتمطر والأرض بتبلع ..
- سعد السعود بدب الميوية بالعود ، ويدفا كل مبرود..(العود : جذوع النبات)
- سعد الخبايا بتتفتل فيه الصبايا،والمقصود بالصبايا الزواحف والقوارض والحشرات والهوام) ..
ولعل ماجاء في الموروثات الشعبية حول الخمسينية التي نحن بصددها قولهم :
- هوا الخمسان يشقق القمصان ..
وبعد ..
تلك كانت لحمة سريعة وموجزة عن الشتاء وأشهره في الموروثات الشعبية بخاصة قدمته بهذه الصراحة معتمداً على ماسمعته من الآباء والأجداد ، وماورد في كتب الأمثال الشعبية ، وماورد في الأدب العربي الفصيح ، وفي كتب اللغة ومعاجمها ..


* جريدة الفداء الحموية يوم العاشر من شباط عام 2003 ..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى