أدب المناجم محمد الصالح الغريسي - في دهاليز الظّلام.. شعر

* الإهـــــداء :

بعيدا عن اليمين و اليسار ، و عن اللعب على الأوتار، هي كلمة حقّ ينبغي أن تقال.
أهدي هذه الكلمات الصّادقة إلى عمال المناجم في كلّ أصقاع الأرض، إلى أناس قضوا أعمارهم تحت الأرض، و قضوا تحت الأرض، لينعم غيرهم بمباهجها.فتحيّة إكبار و إجلال إلى عمّال المناجم في كلّ أنحاء المعمورة.


تحت الأرض،
في دهاليز الظّلام، بعيدا عن وجه الشّمس
ثمّة أجساد معفّرة بالتّراب..و وجوه مغبرّة كالحة..
ثمّة عيون لا تعرف ضوء الشّمس
و لا نور القمر ..
ثمّة أيد معروقة كادحة،
نسيت شيئا اسمه الرّاحة
ثمّة قلوب يتعالى صوت نبضها
في صمت الظّلمات، مع صوت المطارق الآليّة
و هي تدغدغ باطن الأرض،
كي تبوح بكنوزها..
ثمّة أنفاس لاهثة، تبحث في جوف الأرض عن جرعة أوكسجين
ثمّة نفوس تتوق إلى الحلم فلا يسعفها النّوم
فأيّ الكائنات هي ؟
أهي من الإنس أم من الجان؟
أنا لا أتحدّث عن مملكة سميراميس،
و لا عن عرش بلقيس..
و لا عن الجان في مملكة سليمان..
أنا أتحدث عن كائن اسمه الإنسان..
يا أيّها الكادحون تحت التّراب
بأيّ موت وعدوكم
بالموت خنقا
بالموت حرقا
أم بالموت غرقا
و القبر بالمجّان !
بأيّ حياة بشّروكم؟
بالحياة الكريمة لأهلكم !..
بالعيش المريح و البيت الفسيح !
باللعب الوفيرة لأطفالكم!
بالبرودة في الصّيف
و الدفء في الشّتاء!...
هراء.. هراء ..هراء

***
أيّها المسؤولون الكبار
جرّبوا يوما أن تعيشوا بعيدا عن قصوركم..
عن سياراتكم الفارهة..
جرّبوا لليلة واحدة،
أن تناموا بلا حرس..بلا كامرات مراقبة ..بلا أجهزة إنذار..
سيروا بين النّاس في الأسواق ..
اركبوا المترو، و امتطوا القطار..
وقتها .. ستدبّ الحياة في قلوبكم،
و سندركون أنّ الدّماء الّتي تسري في عروقكم،
هي نفسها الّتي في عروقنا.
عندها ستدركون ما معنى أن يعمل الإنسان ،
تحت سطح الأرض
لا أفق أمامه
و لا سماء فوقه
و لا نور يهتدي به، إلاّ ما تجود به المصابيح...
حَدَّثْتموناَ طويلا عن عذاب القبر
عن الضّمير.. عن اللّقمة الحلال
و نسيتم أن تجزلوا لنا الأجر
أَلَا إنّ ما نحن فيه، هو عذاب القبر..
و ما نحن فيه هو ضيق الأجر..
أمّا ما أنتم فيه، فو الله ، هو الكفر...


12/02/2018
محمد الصالح الغريسي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى