طاهر أبو فاشا - أعيدوني لأيامي.. شعر

يقولون لي (في مغرب العُمرِ) لا تهِنْ = فأنتَ أخو علمٍ بلوتَ اللياليا
وإلاَّ فما معنى الليالي التي خلتْ = وكيف تعودُ اليومَ منهنَّ خاليا
فقلتُ: خُذُوا علمي وكلَّ تجاربي = بيوم أرى فيه زمانَ شبابِيا
هل العيشُ إلا أنْ تعيشَ مع الصِّبا = فتيّاً، وأنْ تحيا حياتكَ خاليا
وأنَّ رفيق العمر تَسبيكَ روحُهُ = ولم أرَ مثلَ الروحِ كأساً وساقيا
فما هذه الدنيا، وقد جنحتْ بنا = سفائنُها، والدهرُ يصْخبُ عاليا؟
وما قيمةُ الأيامِ إنْ جفَّ ماؤُها! = وصوَّح غُصْنٌ كان ريَّانَ ناديا؟
تُغنّي عليه ساجعاتٌ هواتفٌ = فيُوقظْنَ فَرْخاً كان بالأمس غافيا
مضى كلُّ هذا واستباحتْ يدُ البِلى = صَباحةَ أيامي فعُدْن لياليا
وشابتْ مواجيدي وقلبيَ لم يزلْ = به خفقاتُ الواجِدين كما هيا
عزيزٌ على نفْسي حُطامُ مباهجي = ثقيلٌ عليها أنْ تجِفَّ حياتيا
وأنْ تُقْفرَ الأيامُ حول خواطري = فأحيا زماناً ليس فيه زمانيا
جديباً ولم تقحط من الوجد عَيْبتي = غريباً، ولم أبرح بأرضي مكانيا
ألا إنّما العيشُ الشبابُ فليتني = إذا ما مضى عهدُ الشبابِ مضى بيا!
أعيدوني لأيـامـــي = ورُدُّوا بـعـض أحلامي
فحَسْبي أنْ أعيش اليومَ = في أطلال أوهامي
وأنْ يتمَثَّل الماضي = أمامي مرةً أخرى
يطالعُني بأيامي = فتسْخنُ عينيَ العَبْرى
وأرسلُ دمعَ أنغامي = على نبضات آلامي
فيلْمسُ جُرْحيَ الدَّامي = أعيدُوني لأَيَّامي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى