مقداد مسعود - شذرات..

(1)
كوب مارسيل بروست..
من دمنا وصريمهم،بنوا لهم: قبضة..صيروا القمر:لصا يتسلل تحت جنح زوارق آيلة لليباس..
لايحقق : القمر،زرقته ..في حطب الوقت: بل يسترسل !! كيف إذن لاينضدون حكمة التوت في ألأرشيف ؟!
أودعنا رأسمالنا الرمزي في الوراء
هل الوراء وردة متخثرة، تشتغل فينا،لانشتغل فيها؟
حيرة…ولامفترق طرق!!
(كيف؟) أداة إستفهام،تقصد الحلم في ذاته..تزامن ذلك مع إستفهام(لماذا؟) على ضفة جرحنا الثاني.
ماالذي تفتش عنه(لماذا) في هواء مستعمل، لم تبق فيه نسمة عذراء؟! من لايفهم العالم وجوبا يجهل الحدوث.
لذا علينا أن تعليق السؤالين (كيف) و(لماذا)،تعليقا فينوميولوجيا..
سأعود إلى الذاكرة كموضوع و بمضاد حيوي أتصدى..للذكرى.
كل إسترسال: أفيون/ زمن جواني،لابراني له..كل إسترسال : داء..إلا… كوب مارسيل بروست..مايزال
بخاره يتصاعد،تتوسد حافة ماعونه قطعة بسكويت..كل قارىء يلتقط بسكويتته هو ويتأمل وجهه
هو في كوب الشاي الساخن،لايستنسخ بروست آخر..بل يستقدم مستقبلا يليق بسارية حلمه هو..
فكل التعريفات،محاولات متكررة لاتنتج نفسها..بل تؤثل: تماهي العارف في معرفته..
المعرفة…
ليست هبة..
المعرفة: صناعة .. صناعة العارف.بذاته ولذاته..
العارف: مفردة ما أن نلفظها..تصّير العارف لامرئيا..يختفي في تكليم مطلقه..والناس يموتون بصريمهم
قال العارف،سهل بن عبدالله:
أنا منذ ثلاثين سنة أكلم الله،والناس يتوهمون أني أكلمهم.

(2)
المعنى الغزير…

حين نتصفح بهمة معرفية،مباحثهم،نشعر ان للغة العربية ، ذلك ألإزدواج اللغوي الباهر
أولا: إستعملوا اللغة آلة،ليمارسوا حفرياتهم المعرفية في عظمة النص المفارق (القرآن الكريم)
ثانيا: لم يكتفوا بآلية إستعمالهم للغة، فقد أصبحت اللغة ذاتها موضوعا معرفيا جدليا،
كلهم يعون : لادلالة ذاتية للفكرعلى الزمان : من دون اللغة ،التي من فضائلها تصيّر الأحداث ألأنسانوية كتابة لاتكف عن دلالة الحضور، رغم غيابها العياني(إذا قلنا في الفعل أنه يدل على الزمان،لم يكن أنه يدل على الزمان بنفسه،ولكن يدل على كون الزمان الماضي زمانا للمعنى/عبد القاهر الجرجاني)..
الفكر يحتاج اللغة..
اللغة..سلك تنتظم من خلاله خرزات الفكر في الزمان
ألأفعال تحتاج إلى البنية،لتثبت معانيها زمانيا
إذن..يمكن إعتبار البنية جسر اللغة في تشغيل الدلالات الزمانية…
ومن شدة تعصبهم الناصع..
أختلفوا وتفرقوا،من جراء : التشبيه/ التجسيم/ الزلل/ الكفر/ ألإشراك..
ومن صدقهم المعرفي: بزغ(علم الكلام)…حكما وحكيما بين الجميع وبقناعتهم كلهم..
توصلوا إلى تصنيع ضفيرة من علم الكلام وعلم اللغة ..للتبصر في كتاب الله.
(لو كنت أعلم الناس باللغة،لم ينفعك في باب الدين،حتى تكون عالما بالكلام/الجاحظ)
إشتغلوا على اللغة..ليدربوننا على الدقة في الكافين: كلام / كتابة..
إحترقوا مع زيت سروجهم، حتى لاتعيب ألألسن أو تشوه الكتابة..
سراجه يوصلني إليه نحوي ينتسب للمدرسة البصرية في النحو واللغة ..معتزلي المذهب
وهو أيضا من علماء العدد،إشتغل إتصالية معرفية لامثيل لها ،بين أصوات
اللغة وجدول ألأعداد من الصفر إلى الرقم (9)…………أنه
أبو الحسن الرماني(ت386هجري) مؤلف رسالة(النكت)..طافت القراءات حولها ،بهوامش أكثر نحول من
خيوط اللبلاب ربما يكون السبب ان المنتجين توقفوا،عند أجوبته اللغوية،على تساؤلاتهم!! ولم يتجاوزا حد
الكفاية نحو الطموح المعرفي ..ابو الحسن الرماني،ألقى شبكة معرفية ليصطاد اللؤلوء والمرجان وعينين
نضاختين من إعجاز القرآن وفي رسالته حاول الفصل بين راتوب الممكن وراتوب المعجز.. بذائقته البلاغية العالية الجودة،أطال المكوث،لينتج سردا لغويا لانظير له،من نورانية هذه آلآية الكريمة…
(ولكم في القصاص حياة/ البقرة/ 179)…

(3)
شذرة جلال الدين الرومي
(بي نجوى أشرحها؟ أم أخفيها؟)
ألتقطت هذه الشذرة من (المثنوي) المنظوم بالوزن اللطيف في حقائق إيقانية- * ماذا أبقيت يامولانا للخفاء وأنت
جاهرت بالعلن، وحددتها بإتصالية تسموية، (نجوى) وألأسم سنارة نلتقط بها المسمّى أو نشعره بتفكيرنا اللساني
أنت دحرجت لنا شفرة إضمارها شفيف وهو أشد غواية من عري ألإبانة..ولاتأويل بعد هذا العلن ،لاتأويل…
ليست ثمة إتصالية خيار بين الضديدين : الشرح/ الخفاء….
الشرح: إقرار…أما الخفاء فمحض هامش باهت..
أرى إلإيقاع الراقص في مجلس المولوية،عبر إتصالية..(الرقص والتواجد)..في الحركة الفلكية في عالم الخلق
والدورة التجديدية في عالم ألأمر..قد تجاوز بلاغة الكلام إلى بلاغة ألإيقاع الجسداني…وما بعد ألإيقاع أرفضه
رفضي للمدعو(شمس تبريز)..ولاأتوقف ،إلا عند علاقتك بالشيخ (حسام الدين بن حسن أخي ترك)..الذي لولا
تأثيراته عليك لما مكثت عشر سنوات لتؤلف لنا( المثنوي)..لنتوقف قليلا يامولانا ونتساءل لماذا دورتان :الفلكية والتجديدية!! وليست سبع دورات فلكية؟! في مخطوطته يؤكد(الشيخ عبد الغني النابلسي -1731م) (ألأنقلاب الكبيرالذي
حدث في حياة مولانا مرتبط بالتسليك الصوفي الذي تحصل على يد الصوفي الجوال شمس الدين محمد التبريزي/ص8)*
يومها كان جلال الدين قد قارب ألأربعين وهاهو يعلن نوعية العلاقة بينه وبين شمس تبريز(تلاشى ظلي بضياء نوره، ووصل إلي صوت العشق من وراء دنيا العشق،بدون دف ولامعزف)!! لاتعليق الشفرة مفتوحة ألأفخاذ.. الشيخ الجوال
سعى بعقله ،ونصب شبكته في عقله،قبل أن يسعى بقدميه، صوب مولانا…الشفرة مفتوحة وتلاميذ مولانا،تلقفوها بسرعة الضوء..شمس تبريز،طوق مولانا بإستحواذه وتهميش علاقته مع تلاميذه….وبعد سنة ونصف سينجو بجلده شمس تبريز
سيكون التلاميذ في حيرة وهم يرون ،شحوب مولاهم بسبب ،غيابه في شمس تبريز،يرسل جلال الدين إبنه ألأكبر، للبحث عنه في دمشق، يعود شمس تبريز برفقة ألأبن ألأكبر..أشهر ويختفي شمس تبريز… هناك من يرى ان التلاميذ وعلاء الدين،ألأبن ألأصغر لجلال الدين، قتلوه غيلة، وهناك من يرفض مثل هذا القول..ربما لم يقتل شمس تبريز كجسد، لكن أنقتل كحضور عياني..فسعى مولانا لإستعاد شمس تبريز إستعادة إيقاعية(وما أن أختفى شمس الدين التبريزي،حتى بدأ
مولانا بإعداد مراسم السماع،أنه سماع لموسيقى الناي والرباب ،الذي يرافق الدروايش في دورانهم المعروف حول إنفسهم/ ص9/ المخطوطة)..أرى ألأمر كالتالي العلاقة بين جلال الدين الرومي وتلاميذه هي إتصالية :الواحد/ الكثرة
بمجيء شمس تبريز،إنهدمت هذه ألإتصالية،وعلى أنقاضها أرتفعت :إتصالية الواحد/ الواحد: جلال الدين / شمس تبريز
المحذوف في نص العلاقة بين التبريزي والرومي..من ضمنه في أرشيف التابو؟ تكتيم تلاميذ مولانا..؟ حبا به؟ أم حرصا على آرشيفهم الشخصية؟ أرى أن أسئلة من هذا العيار،أقوى بلاغة من أطناب في التحليل..هل يتجوهر المعنى الكثير في فصوص ألأسئلة؟!

*من كتابنا (شذرات إبن مسعود) تحت الطبع في دولة ألإمارات العربية المتحدة
*عبد القاهر الجرجاني/ دلائل ألإعجاز/ تحقيق محمود شاكر،من غير تأريخ/ منشورات الخانجي/ القاهرة/ ص260
* أبو الحسن الرماني/النكت في إعجاز القرآن،ثلاث رسائل في إعجاز القرآن/ تحقيق أحمد صقر/ دار المعارف/ القاهرة/ 1968
*الشيخ عبد الغني النابلسي/ العقود اللؤلؤية في طريق السادة المولوية/ تحقيق وتقديم د.بكري علاء الدين/ دار نينوى/ دمشق/ 2009



مقداد مسعود : شذرات
  • Like
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى