حسن المسعود - الخط الصيني.. من الصورة الى العلامة

منذ 6 الآف سنة تســتعمل الكـتابة الصــيـنية مـئات الصور المـبسـطة لقـول الأشـياء والافـكار. على عكــس الالـفباء المـســتعملة في كـتابات بلدان البحر الابيـض المـتوسـط، والـتي تكـتب بالحروف التي تمـثـل مايـقارب الـثلاثيـن صوت للانـسان فـقط.
الكـتابة الصـيـنية هي علامات مـبـسـطة تـقـترب من الاشــكال التجريـدية. يتعلــمها الاطـفال مـنذ الصغـر، يكررون خط هـذه ـ الصـور الـكـلـمات ـ ويـسـتمرون فـيما بعد للـكتـابة بها طـيلة حـياتهـم.
يــبتديء الخـطاط حركاتـه دائـما بضغـط بطيء بالـفـرشـة على الورقـة، بـينما تـكـون نهـايات الحركات قــد لامـســت فـيها الفـرشــة الورقة بخــفة وسـرعة. ولأعطاء مظهـر الخـفة لابد من تدوير الفــرشــة بــســرعة، بـينما اعـطاء مظهر الـثــقـل يكون بأبـطاء حركة الـفـرشـة.

وأن يريد الخــطاط اعـطاء مـظهـر طائــر لحركاته الخـطـية، فـأنه يخـتار الـتأثـر بحـركات الطـيور والغـيوم، وان يريد اعـطاء مـظهر الـثبات لحركاتـه فـأنه يـســـتـفـاد من اشــكال الجـبال والاشـجار. ولعـمل خـط بمــظهـر الاســتـقامة فـأنه يـفـكر في تحـدب مـضغـوط ومـتوتـر، وان يـرسـم مربعا فـفي ذهـنه يـفكر في دائرة.
احـسـاسـات الخـطاط الصـيني تـتـغـير عـند كل كلـمة، فـمرة يـفكر بســرعة ويخـط بـبطيء، ومرة اخرى يخـط بسـرعة ويفـكر بــبطيء.
يرســم الخـطاط الصــيني حركاتــه بالــحبر عـلى الورق كما هي ضـربات المبارزة بالــسـيف، فــتأتي حركاتـه حادة ورفــيعة، وكانـما يربـط الخـطاط حـياته بهذه الحركات، فــتـنـتهي كلمـاتـه بتــكويـنات مــبـسـطة لعـالم هــنـدسي، نـتعرف من خلاله وعـبر الـحـدس لما هــو خلـف الخطـوط من هـياكل متحركة مبــنية على الاشــكال الجــوهــرية في الهــندســة: المــثـلـث والــمـربع والـدائرة.
قـبل الخط لابد ان تـنمو الكـلـمات داخل وعــي الخطـاط، وفي لحظـات الـتركـيزالعالي، وعـندما تكــون الرؤيا واضــحة تـماما، لابد للخــطاط ان يخـطها بســرعة ودون تــردد.

الورقــة هــي ســاحة القــتــال، الــفــرشــة هـي الــســهــام، الحــبر هــو الايحــاءات، التـــكـوين هــو الاســتراتـــيــجــية، وعــنــدما نــمــســك الفــــرشـة انما نقـــرر نــتــيــجة المــعــركة.


شــعــر صــيــنــي
خــط الامــبــراطــور هــوي ـ زونــج
الــقــرن الـثـأنــي عــشــر

عــند كل مـرة يخــط الخــطاط هــذه العلامات، فانــه يضــيف مــشــاعرتــلــك اللحــظة. والاحــســاســات الــمعــاشــة لــذلـك الــيوم. فــيعـكــس مــدى نضـوجه الفــكري ونظــراته للعـــالم، وهــكـذا ان خــطوط الخــطاط تكــون كــشــهود على مايــدور في المــجــتــمع. لان احاســـيـــسه الفــردية هــــي في اكــثــر الاحــيان صـدى للاحاســيــس الجــماعـــية. كما ان العــلامات الخــطــية ســـتكون أيـــضــا مــقــياس تحكمــه ومــدى قـــدرته عــلى اســـتــيعاب التـــقــنــيات الخاصــة بــمهــنته. وبمــرور الســـنــين يــمكــنه المــقـارنة بيـــن خــطوطه القــديمة وبــين خطوطه الحــديـــثـة. ليـــتعــرف على ذاتــه ومدى تغـــيره هو نفــسه.

خطوط زهونج زهاوجنج

تــدفــع الحضــارة والمدنــية المــعاصــرة الانــســان للابــتعاد عن الــفطـرة. وتــفــضل ســـيطرة الــذكاء الــذهــني. بيــنما في العـــمل الــفــني يكــون الانــسـان بــحاجة لعــالــمه الفـــطري البـــدائي.
وهــكـذا يكـــرر الخــطــاط الصــيني نــفــس الخــط للـــتـمريــن وللولوج في عالــمه الداخــلي. نحــــو اول صــور ســجلها قلـــبه ايام الطــفولة. ويــقال بأســـتمــرار:

عـــلى الخـــطـــاط الصــــيني ان يخـــط العـــلامة تـــسع مــرات قـــبل الخــط النهــائي، لاعـــطاء القــــوة الكـــافـــية للــحركات.
وبهــذا يــتخــطى ويتــجاوز التــــقــنيات نحو الــتعــــبــــير في الخط.

ـ لاتـــــخــط الـــيد الا ماســـــجـله الخــــطــاط في قــــلبه ـ

ـ ان ماتــــعـــرف عـــلـــيه الـــقـــلب ســـابقــا، تـــعـــيــد الــيد نــشــره كصـدى ـ

تأخذ السرعة هــنا أهــمـيتها وقــيـمـتها، فـمع الـــســيطرة الكامــلة للخــطاط على خـطوطه فانــها تــبدو ســـاحــرة، لمــن يــشــاهد الخطــاط وهــو يخــط بــســرعة البــــرق.

يــمــيل الخــطاط الصــيني الى الاســراع في الخــط كــلما تـــقــدم به الـــســن، وتوجد اســـالــيب تــلبي هــذه الحاجة الداخلــية. امتــلاك الــســرعــة ماهــو الا للـــســيطرة على البـــطيء أيـــضاً
والمقــــصود بالــســـرعة هـــنا لــيــس الاســتعجال وتــفــقــير الخــط، انما قــول كل مايريده الخــطاط بأقـــل الخــطوط واكــثرها تعـبـــيراً، أكــثرها فائــدة وبســـاطة.
يحفــــظ الخــطاط عن ظهـــر قــلب كل اشـــكال الكلــمات، وفي لحظــة الخـط لم يعد يفــكر بكيـــفــية خط الكلــمات، انما يتـــرك يده تخـــط الاشــكال التي يمتـــلكها بداخله، فــيكون الخــط هـــنا تعـــبــير الجــســم والاحســـاســـات الفـــردية. وتأتي الخــطوط بما يخـــتــلج في النــفــس، فــتمـثــل الحركات وعي الخطاط وادراكه للعالم في لحــظة الخــط نفـــسها.
تــســتمــر فرشـــة الخــطاط دون توقــف وحـــتى عــندما ينــضـب الحــبر، فأن قــلة الحبــر ترســم الـنـَفـَس المــتـضائــل في الفـــضاء، وتدع الـــنور يدخــل ســـواد الحــروف. ولا يفــضــل الخــطاط الصـــيني التـــوقــف كـثـــيرا والعــودة للمحــبرة. لانه يــريد انجاز الحـركات الأكـــثر طولا ودون توقــف. كراقــص يدور حول نفـــســه بـــتــماوجات عاطـــفـية رهـــيـفة، مــتحــديا ضغــوط الفــضاء وســحب الجاذبـــية.
يمـســـك الخــطاط الصــيني الــفــرشــة عــموديا باصــابعه وبقــوة. ولكن مايحــرك الــفــرشــة فـــعلا هــو المعـــصم:

ـ عــنــدما يـــبدأ معــــصــمك بالرقــص انــذاك يــمكن للخــطــوط الــمجيء ـ

دور الاصـابع هــنا هــو مــســك الـــفــرشــة، وكأنــما الفــرشــة والــيد اصــبحا شيء واحد.
الفـــرشــة هــنا تــكون كأســـتــطالة للــيد.
ويــقال ان مفـــتاح تـــقــنية الخــط، هــو بجــعل اليــديــن والارجل والســـيقـان كلها متــحدة.
عــند خــط كل كلـــمة لابــد ان تعـــطي هذه الكلـــمة الايــحاء بأنــها تــدور حول نفــســها: حركات بــســحب الفـــرشـــة، حركات بدفــع الفــــرشــة، حركات بأحــتكاك الفـــــرشـــة مع الورق.
كل هــــذه الحــركات آتـــية عن معـــرفة قـــديــمة لـــقــواعــد الخــط وتــركيـــز داخلي طــويل.
يــتخــيل الخطـــاط شـــكل الكلـــمة وكيـــفــية وضــعها عــلى مــســاحة الورق المــتواجــدة امامه. وعــندما تــترآى له ذهـــنيا الصورة الجــديدة للكلــمة، يتــوجه للخط على الورقة بســـرعــة، فـــتأتــي خــطوطه حرة طــليــقة مــنغــمة المــقاطع ومتــناســقة مع الــفــضاء الابيـــض المحــيط بالحــبر الاســود.

يعـطي الخــطاط الصــيني الفــضاء أهــمية كبــرى، فأن كانــت اشــكال الكلــمات معــروفة مــســبقاً فان الفــضاء المــحيط بهــذه الكلــمات يتغــيــر عــند كل خــط. الفــضاء هـو اللـون الابــيض المــحيط بجســـم الكلــمة الاســود. ويــبقى هـذا الفــراغ دون تحــديد مــســبق ودون تعــريــف عــقلاني، ولكن على كل خطاط الاهـتمام به حــســب وعــيه للفــضاء، وادراكه للكتــلة المــخطوطة على الورقة البـــيضاء.
الفــضاء بالنســـبة للخــطاط الصــيني هو امــتلاء، وكأنما لايــمكن حتى للهــواء الدخول فيه. رغــم انه مــساحة واســـعة يمــكن للخـــيول ان تركـــض وتــتــســابق فيــها.
الفــراغ هـو الذي يعـــطي الاشـــكال الممـــتـلـــئة قــيـمـتها، ولــيـس المــقــصــود هــنــا بالفــراغ مجرد ترك مــســاحات غـير مخطـوطة. انما لابد للـــفـراغ ان يكون مـــسكونا، كما هـو في الـــشــكــل العام للكلـــمــة. وبــهــذا يحــصــل اتحاد على الورقــة مابيــن جــســم الكــلمة واللاجــســم للكلـــمة. وهــكذا ان الــفــراغ ليـــس خارج شـــكل الكلــــمة ولا يعارضه انما مكمل له.

يــقــول الـفـيـلـسـوف لاو تـسـو: ـ تــُعـــمــل الاوعـــية مــن الطـــين ولكــن الفـــراغ هــو الذي يعــــطي الوعــاء مـــنــفــعــته ـ

التـــكوين الناجح يكون الفراغ فــيه كوعاء لخــيال المــشــاهــد، من اجل رؤية اللامـــرئي.
وعندما يلتـــقي التـــكويــن الخطي بتخــــيلات المـــشـــاهـــد، تـــتــفجــر عــنده صور قــديــمة نائــمة، تــســتــــيقــظ لحــظة التــقاء شـــكل الخــط بما يــنام في صدره من صورالطــفولة. فـتـــنــتاب المـــشـــاهــد انفــعالات آتيــة من الاعــماق.
الــتكويــن الذي يوحي بالصعــود، يجعلـــنا نتــــخـيل الســـماء. والحركات الخطــية الثـــخــينة والــرفيــــعة تـوحي لنــا بالبــــعد والقـــرب. وكانــما نرى منــظراً تحت الســـماء الواســعة. الحــركــية الكامـــنة خلـــف الــتكــوين تــنــشـط مخيلة المــشــاهــد في تصــوير التطور الذي ســـيحــدث في الــمنــظر الذي يراه. وســـوف يــتخــيل الاتــســاع الفـــســيح للــمــنظر خلــف الخــطوط المــــتــــشـــابــكة والمـــلــتوية بــرقــة وتـــعــاطــف.
معـــرفة اهـــمــية وقـــيمــة الــفــضاء في العــمل الفـــني هـو الجانب الأكـــثر صــعوبة في الــفــن. فهــو كالصــمت بيــن النــوتات المــوســيــقــية، صــمت يمكن ان يــبدو قــــلــقاً أو هـــادئاً.
يتعـلم الخطـاط الصــيني منذ الطـــفولة الرســم والخــط في آن واحد. يتعــلم رسـم الحركات للكلــمات ورســم الاشــكال الطبــيعــية الــمــحاطة به. وبذلك يــتحول عــنده خط مقـــطع شعــري الى منــظر تجــريدي. فالخــطاط الصـــيني يرســم عــندما يخــط ويخــط عــندما يرســم.
كل كلمة عند الخطــاط الصـــيني تــنـــطــلــق من مـركز، ولها هــيكل مدروس منذ البـــداية. لكنــما تكرار نفـــس الــعلامات بمــرور الــزمن يفــرض عــليه تغــيـير الاشــكال بفعـــل العـــفــوية والصدفـــة، والرغــبة بتجاوز الماضي.

ـ عــنــدما تــكـــون الـــفــكــرة في طــــرف الفــــرشــــة فــلا داعي للـــذهـــاب الى طـــرف الفــــكرة ـ

أي لــنـــترك الـــفــرشــة طــلــيقة تخــط بحرية، وهكذا تــأتــــي فــوارق رهـــيفة لايعـــرفها الــذهـــن مســـبقــا، ومن خلالها يكـــتـــشــف الخــطاط ابداعه الــشــخصي. ولما كان الــفــن هــو انعــكاس لــتأثـــيرات الحــياة المــحيــطة بالخــطاط، فأن الحرية الــتي تخــترق خطوطه انــما ســــوف تؤثـــر أيــضا في حــياة مجـــتمعه.
يكــثــــف الخطــاط الصــيني كل طاقــاته الجــســمــية في لحــظة الخــط. ويشـــحنها عاطـــفــيا أيــضا كي يعـــكــس في خــطوطه المعــروف واللامعروف، الوعي واللاوعي.
يســـتعـــمل الخطاط الصـــيني نوع من الورق يمـــتص الحــبر بســرعة، وهو مايســـمى ورق الرز الــذي لا يحــتوي على المادة الصـــمغــية التي توضع عادة في صناعة الورق. وعــند كل تردد او بطيء من قبل الخــطاط يتــضخم شكل الخط بشــكل رديء جــمالياً. لذلك يدرس الخـطاط الصــيني مــســبقا مـدة الزمن المــطلوب لكل حركة. تــقـــدير يــتم بالحــدس وبفــوارق تــقـدر بأجــزاء الثــانـية الواحدة. هــنا ســـرعة وهـــناك بطيء.

ـ لاتـــدع الــفــــرشــــة تــقــودك، ولا تــتـــرك الحبـــر يـــســتعــمــلك ـ

يعـــتــبر الخطاط الصــيني أي تردد انما هــو تعارض بيــن حركة اليــد ووعي الخطاط نفـــسه. فــتــأتي الحروف ثـــقـــيلة. لان الورق يــمــتص الحبر أكـــثر مــما يجــب عــند البطيء. وبالـــتالي يتـــضخم مــكان البــطيء والــتردد. بــيــنما يعــتــقد الخــطاط ان الــتعـــبــير عن حركة الحياة الجوهــرية تـتـــطلب ان تكون الــيد حرة طليـــقة بعد تــركـــيز وتامل يـــســـبـق لحــظات الخط.
رافــقــت الخطاط الصــيني نصوص نقـــدية تــقــــنــية وأدبيـــة كثـــيرة. ولكن عنــدما يمـــتــلك الخــطاط الـــســيطرة الكاملة على مهـــنــته ويكون في قـــمة فـــنه، انما يجعـــل كل هـــذه النـــظريات تـــتــغـلغل في اعــماقــه وينـــساها في لحظة الخط. وبذلك يكون قـــادرا على اضـــافة مايـــأتي من عالـــمه الداخلي للوصول الى عـــفــوية بدائـــــية. وعلى العكـــس فأن المـــبالغة بأظـــهار القـــدرات التــــقــنيــة يــعـــتـــبر شــــيئاً غــير مـــســتحب فـي التــقــالــيــد الــصيــنــيــة.
يحفــظ الخطاط الصـــيني الاشــكال المرئــية للكــــلمات عن ظهـــر قـــلب. وعــبر تمــكنه وســــيطرته على تـــقــــنيات عـــمله الـــفني. يــتحول الخط عنده الى عمــلــية حــقــيقـــية كالــتــنـفــس، وبهـــذا تكــون صور الكــلمات الــتي يخطــها ليـــســت كما الخــطوط الـــقـــديــمة بالضــبط، انما يخط جوهــر الاشــكال القــديــمــة للكــلــمــات، فـــيدخل الـــقــوة داخل حرف رهـــيف، ويدخل الفـــراغ داخل حركة ممـــتــلــئة، أو يدخل الجــفاف في حركة رطـــبة، والطراوة في حركة جافــة.

وبهـــذا يكون منظـــر الخــط رســما يوحي بـالـتخــيلات للمـــشــاهد، وان كلمة لاتعــلو أكثـــر من قـــدم واحد قـــد توحي للمـــشـــاهـــد بأرتـــفاع يـعادل الف مـــــتر.
يفــــكر الخــطاط بأعـــطاء لولبــــية هـــندســــية لكلـــماته، فـــتعــطي الايحاء بأنها تدور حول نفـــسها.
يعـــــتبــر البعـــض ان مـمارســــة الخــط الصـــيني يمكن ان تعـــتــبر طريــقة للعـمل على تصحـــيح الطــبيــعة البـــشـــرية. فــمن تكون طبيـــعـته الغــضب يخــتار الاســـلوب الأكــــثر هــدوءاً، ومن تكون طبــيعــته الخجل فانه يســتعمل الاســلوب الناضج والقــوي.
يمكن للخط الصــيني ان يدفع الانــسان لتحســـين طبــيعته بالاتــجاه نحو حركة الطبــيعة المتـــناســقة، وقواعد الخط الصيني ماهي الا انعكاس للتــناسق الأكــثر جمالا في الطــبيعة.

ـ خارجــيا خذ الاشــكال والــتــناســب الأكــثر جــمالا من الطــــبيــعة، داخلــيا اتبــع مــنابع قــــلبــك ـ


خطوط لو كزون

عند الانـتهاء من الخط يبـــتعد الخطاط لمراقــبة عــمله عن بعد وللتــمعن في الهــيكل المعماري لخطــوطه، ثم يقــترب للتحقــق من جمال مادة الحبر الاسود، وبعضهم يرى صورا داخل البقع الســوداء للحبر:

ـ الحــبر الاســـود يخـــفي بــحر هــــائج، عـــشــرة الآف حـــصان تركــض، ومائة الـــــف تــنيــن تــتــحرك داخل الغــيوم ـ

المادة اللونية للحبرعند الخطاط الصــيني هي مبعث طاقــة أيضاً، لذلك يهـتم بنوعــية الحبــر والــمواد المــكونة له، وكــيــفـية تحــضــيره.
يأتي الخــطاط الصـيـني امام الورقـة البــيـضاء محـملا بطاقــات روحية وجـســمية عـالــية. فـــتـتحقــق عــنده يقــظة كاملة، لكل خلايا جســمه، وتضــعه في تهــيؤ أكــيد. وبالــتخمــين يقــدر كــمية الحــبر المــطلوبة في الفــرشــة، أنــذاك تاخـذ كل حركة خطـية المكان الذي تخــيله لها والمــظهر الذي يحلـم به لخــطوطه.
ان تــقـييم جـودة الخــط الصــيني يــبدأ من ابـســـط الحركات، من النــقـطة وحتى الــتكويـنات الأكــثر تعــقــيدا. كل حركة لابد وان تكون مــستــقـلة عن الاخـريات، ولها حــياتــها الخاصة. خــط كل حركة يــمر بثــلاث مراحل: الهــجوم، الاســتمـرار بالــتطور، ثم الــنهاية والــتوقــف. ولايــراد من الخــطاط الصــيني الــتــقــلــيد الاعــمى لخــطوط اســـتـاذه، انــما الـتــوصل لمــعــرفة جــوهــر كل كلــمة ومن ثم تحــقــيــق شـــكل جديــد يــقــول نفـــس التــعــبيــر الــقــديــم.
خطوط مي فو

ـ الهـــجــوم بـــحــركــة خــطــية يــشـــابه تــفــجــر نـــبع، وتــوقـــف الحــركة يـــشــابه ثــبـــات جــبل، وهـــكــذا يكـــون الخـــط كالــســــيل الهـــادر وتــوقــفه كألـــتــقــائة بـــســـد عــال. ـ

حسن المسعود
اوائل عام 2011

لايجوز اعادة النشر دون موافقة الكاتب
  • Like
التفاعلات: حسن المسعود

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى