نزيه ابو عفش - أسئلة.. شعر

أريد أن أسأل العصافير كيف تبكي حين تدركها الطَلَقة؟
أريد أن أسأل أشجارَ الغابةْ
كيف تتأوَّهُ حين يُخضِعها الحطابون ويرغمونها على النوم؟
حتى الحجارةُ، وهي تتفتَّت،
أريد أن أعرف مشاعرها الحقيقية،
والنواقيسُ.. كيف لا تسيل دماً أو بكاءً؟
أريد أن أسأل ديدانَ الأرض
عن الظلمات الشديدةِ الكثافة والبردِ الخالي من الشفقةْ؛
الحمارَ عن أبوَّتِه،
شاراتِ الطرق الموصلة إلى المدن البعيدةْ
أريد أن أعرف أسرار وحشتها المسائيّةِ
المجلَّلة بالصدأ والرطوبةِ واختلاجاتِ المعادن الساكنةْ.
كلّ ما يزحف أريد أن أتسلّلَ إلى قلبهِ وأصرخَ نيابةً عنه.
كلُّ دابَّةٍ سِيْقَ صاحبُها إلى الذبح.. وما تزال ترعى.
كلّ جمادٍ يائسْ
كلّ حشرةْ
كلّ حبةِ لوزٍ صغيرة تسقط في غير أوانها
أريد أن يكون لها نصيبُها الحقيقيُّ من قلبي لتأنَسَ فيه.
وأمّا الإنسانْ....
أمّا الإنسانْ
الكائنُ الكبير الذي يتكلم في الحبّ
ويُحْسِن تصريفَ الأفعال، وقيادةَ القاطرات، والتأمُّل،
والكذبَ الأبيضَ، والكذبَ الأسودْ،
واختيارَ الأحذيةِ المناسبة، ومقابضِ الأبواب، والدفاتر،
ودرجاتِ تركيزِ الأحماضِ الكيميائيّةِ القاتلةْ..
الإنسانُ الإنسانْ...
الإنسانُ الذي يبتسم، ويُعربُ عن مشاعره، ويغني كيفما اتَّفَق..
الإنسانُ الذي يصنع الموتَ الكثير
والأفراحَ التي لا تكاد تملأ راحةَ اليد الواحدة ...
أما هذا، فلا أريد أن أسأله
إنْ كانت السياطُ التي تهبط على جسده
قد تضطره أحياناً لأن يصرخ بكلّ حناجره :
" آه يا أمي!.."


....................................
نزيه ابو عفش
سوريا
أعلى