سعيدة عفيف - كان عليّ أن أودِّع الغابة.. شعر

كنت فيما مضى أحطب في اليوم أنشودتين
وكنت مطمئنة أن الغابة لم يكن ينقصها شيء
حتى أني بعد مدة،
كدّست ما يزيد عن رِزْمَتين عظيمتين
لكن في يوم وأنا أقصد شجرة،
نظرَتْ إلى الفأس ثم إليّ وقالتْ:
خذي حاجتك من الحطب ولا تستلّي المزيد من أرواحنا..
جَفَلْتُ، وتعثّر في فمي الكلامُ،
هل ذلك ما أفعله بِحقّ؟ قلتُ
هل عليّ أن أعيد ما حطبْتُه، أو على الأصح ما كدَّستُهُ لإرواء ذلك العطشِ؟؟
أومأتِ الشجرة بأوراقها جهة اصطفاق الريح وقالتْ،
لا عليكِ، ما ذهب لا يعود، ولا نسترده..
كان الفصل ربيعا على مشارف نهايته..
إذ غمْغمَتْ نحلةٌ قرب وجهي دونما سبب ثم ابتعدتْ،
وتقافزت أمامي كالبهلوان سناجب تتغامز وتضحك..
كان عليّ أن أودِّع الغابة من دون إصرار
وعندما داخت أزهار الفوضى والجنون في رأسي يوما ولوَتْ أعناقها من شدة العطشِ،
قطّرتُ أنشودة في حلقي الذي بدأ يجفُّ
فصعدتْ من الماء أغنياتٌ تصدح الوقت كله
والأنشوداتُ المتبقياتُ أضحكْنَني..
اِنشغلْن بالحديث عن نومةٍ للفأس بدأتْ تطولُ.
تلك الفأسُ التي كانت فيما مضى
تحفرُ بقسوةٍ، أو لِنَقُلْ بهِمَّة عاليةٍ
في قاع شجيرات روحي
كلَّ يوم..





سعيدة عفيف - المغرب






سعيدة عفيف.jpg
  • Like
التفاعلات: جبران الشداني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى