ألموج بيهار Almog Behar - قصائد إلى أسرى السجون

كتبتُ قصيدة لأسرى السجون وأريتها لأبي
فقال: وبمَ تُجدِ الأشعار للسجناء،
وكيف لنا أن نسخر من نزاهة السجانين والقضاة والمشرّعين؟

قلتُ: بل عن سجننا نحن أكتبُ، يا ابي،
في كل يوم أعود للزنزانة،
أترقب إشارة سجان بعيد،
إن أراد أكبل يديَّ بالأصفاد، وإن طلب مني أن أستجدي الحرية بطَرَقات على قضبان النافذة

قال: أوهام الشعر تتحدث بلسانك
فأنت نفسك تقف خارج أسوار السجن،
وأنا لم أنجب أبناء للسجن، يا بني،
فإن كنت ترغب، أرسلك إلى كلية الحقوق فربما تصبح قاضيا،
وبدلا من الأشعار تكتب أحكاما لتخفف من آلام العالم.

قلتُ ابي، أنا ولدك، لم أنجب آباءً للخوف،
والسجن أكبر من كلينا،
يوصد على كلينا،
هاهو السجان يشير لك الآن ان ترفض الاعتراف بسجنك،
أن تطلب ألا تخرج عن حدود الزنزانة.

قال: إن كان الأمر كذلك
إن كنا حقا كلنا أسرى في سجن الرب، يا ولدي، فكلنا عبيده،
ولكن ماذا عن التشريعات والقوانين،
كلها عادلة وليس هناك من لا يخطئ،
هل نسيتَ؟

قلتُ: هذا السجن بناه أناس، يا أبي،
وكل يوم نساعدهم في مواصلة بنائه،
ليضيفوا (عنابر) ويضعوا الكاميرات،
وبعد قليل لن يعودوا بحاجة للسجانين،
سيفصلونهم جميعا، ونحن سنواصل حراسة أنفسنا،
أنا لن أذهب إلى كلية الحقوق،
ولكني قررت أن أكف عن كتابة الشعر.

قال: كيف قررتَ؟
لقد أعلنت على طول ممر عنبرنا في السجن ان ابني يكتب أشعارا ليوم الإفراج،
وجيراننا يحفظون بالفعل القصائد وينشدونها.

قلتُ: أنا اسمع يا أبي،
ولكنهم لا ينشدون أشعاري بل أشعار السجانين،
ومن الآن فصاعدا سأكتب عقوبات تنافس عقوباتهم،
سأكتب أحكاما تنافس أحكامهم.
وسأكتب لك ولأمي خطابات من زنزانتي،
أبشركم فيها أن الحرية لن تأتي حتى في أيام أحفادكم،
فالكفاح أطول من أن تتمكن من وصفه القصائد،
فقد جُللت كل الأشعار بالفشل



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى