محمد مشعل القريشي - لحظة دفء

يجتهدُ في بناء البيت السعيد طوال عمره الممتد على خارطة الزمن حالماً بالسعادة بعد نيفٍ وسبعين عاماً تصرمتْ باللهو واللعب، مزق فيها عديد الخيارات بين يديه، يغط وينغمس في التيه والإسراف، استفاق لصوت القطار وهو يغادر آخر المحطات، أسرع يلملم بقية العمر وخاتمة المبيت بلا بيت.
ارتفعت الأعمدة شامخة، وقد أظلها بالسقف وشيد الجدران، أغلق الأبواب والشبابيك لينعم بالدفء بعد سنين الصقيع، يَخطبُ زوجة من بين آلآف النساء؛ ستهبني الدفء والحنان، تربت على كتفي وتسقيني من ماء الحياة، خالها والليل تصرم نصفه قمراً يبدد عتمة ليله البهيم!
كشفتْ عن وجهها وفيه من أثر اللطم كلفةٌ غطتْ محاسن خدها الطري، دعاها الى الإسفار فامتنعت وولت مدبرة تقلع الأبواب!
طارت بروحها من سجن الى سجن الى فضاء، ظل يرقبُ بقية الأمل في آثارها، حتى تحقق أن أمله في عودتها ليس سوى سراب، حلم جديد عابر سائح مر بخفة غافلَ قلبه وهرب، عاد مخدوعا إلى فراشه يُحكم شد أطرافه، كم تمناها لحظة الدفء هذه، لقد زارته دون رغبته.
غادر المكان لن يعود إليه، رحل بجسد بارد.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى