زهير بهنام بردى - كوابيس فـي الكمان

قبل انسجامٍ كنّا كابوساً يهذي في قفصٍ. يقتضي النسيان أنْ تنامَ لتكتملَ الحياة دون اهتزازِ الشهوةِ في حصادِ الأصابع. الليلُ لا يستيقظُ وحده يمشي الى فكرةِ الضوء. هاويات تنحني لاصطيادِ الغيوم. فلكٌ بنكهةِ صولجان لودٍّ بيد عازف. وَهمٌ يسألُ الغيمَ عن مغبّةِ الرجوع الى مساءِ غد. لا نهار اليوم على الطاولة بمحضِه يقيمُ في مأوى مزعج .لا أتدلّى كما غيري بلعبةِ سيرك. تبعثُ مديحها للنقاش.
..............
هيّأتُ ما أراهُ مناسبا في بابِ النعي. هشّاً في القسوة وسبكاً ممتعاً في الودِّ .أعودُ القهقري الى بعضي .وأنسى ما يليقُ بكبريائي .غافيا ضجرا من ذكرياتي .من مجرى فجيعة تستضيء بكثافةِ كلامي .أشتاقُ الذهابَ الى ثيمةٍ في حوارِ فردوس. ورقة بيضاء تدوّن أعجوبةَ رغبة في مجاهيل امرأة. تضاءُ ببوحٍ مكسور على متنِ موج. أصابع تحكُّ مهجتها .أتشمّمُ ما يتكسّر من عشبِ أخطاء في سيرةِ مذاق. هواءٌ ساخنٌ وأتمنّى التأهّبَ للطيرانِ بانتظارِ قفصٍ آخر .أتدبّرُ منه اصطيادَ حياةٍ أخرى تصيرُ واحداً منّي.
..............
ها أنا اتأهّب بشكلٍ غريب .أبصرُ وهجَ العتمات فأدوخُ وأقعُ من نشوةِ نافذة .بشغفٍ كانت تجمعُ الغيومَ ليلةَ أمس. تمسحُ بخارَ نافذتي المكسورة من نقرِ الظلام .وأنا أخلعُ شمسا ناضجةً من ضوءٍ غريب يربكُ خطوطَ يديك. لا أقيم قدّاسا لرحيلٍ افتراضي. لا أصفُ مزاجك بكثبانِ الرمل. فطنتي تخرجُ في الليلِ الى أحد المقاهي .تشربُ قهوةً من ضوضاءِ حياة .تمدحُ فوضى أيّامٍ لا تنجبها السنوات. التي تديرها سيرتي.
..............
تواً لملمتُ شحوبَ النوم, لم تسمعْ قامتي أشاراتٍ ,تمدحُ فتنةَ الظلِّ وتضربه بالغيوم ,منذ نومِ غد, تركضُ آلهةٌ من عيني. من فتنةِ النساء. بانتظار نكايةِ جاذبيّة وخيوط جسد. في لهفةِ تفّاحةٍ حيّة تراق, زيتٌ يضيءُ بشكلٍ لاذع ,أغصان منهمكة في سيرةِ غواية في الغالب. لا تلومني حبكةٌ ولا كمانٌ شرقي, يلفُّ أعصابي في ورقةِ عنب .الألمُ لا يستحقُّ كثيرا من الملائكة, تريحُ عينيها الخرائب , تنصتُ الى إغواءِ أشجارٍ ,تصطادُ ليلا أخضر.
..............
أطاردُ نفسي. أصابُ بمرويّات تضعُ حدّاً للإمعانِ بتفاصيلٍ أخرى .أحبُّ الغيمَ ولا أحبُّ سوى الشمسِ. مع هذا برعايةِ ظلٍّ تحت شجرةِ زيتون. أمارسُ تأمّلات السهرِ الكاملة. بلا سهوٍ حياتي تسألني عن سنِّ رشد الضوء. في الخفاءِ أجهشُ بالمطر وتشرّدني الكلماتُ في هامشٍ أخرس. يحتاجُ مثلا الى تفاصيلٍ لا تحرجه. أحتاجُ الى إعتامٍ تام كي يكتبني التراب. في داخل كوابيسٍ لا تنام كثيرا.
..............
أناديكَ, ليسَ من حاجةِ أخطاء أستحقّها. تعودُ لحياة اصطادتني ولم أستطعْ ان أكتبَ كذبتها .ليس هناكَ الضوء ملائماً لاستمرَّ بطيئا, وأنتظرني ومن بابِ البصر, أفتحُ نسيانَ الصوت في منتهى سجيّتي ,أفكّرُ بخياطة وقتٍ آخر لأضمنَ تأنيبَ ابتسامة, ألتقي نسيماً يولد من سراجٍ عتيق ,وباستمرارٍ أثملُ ضحية يقظةٍ شبقة اعبث بها,و أبدّدها بكلِّ تفاصيلها المباحةِ بالخيانةِ أمامي, وأمهّدُ لها اسباباً بمنطق البوحِ بطعمِ الشعر ولا أتبعثر منسكباً كماءٍ في صحراءِ الخيبة .
..............
الليلة ضجرَ منّي الكتابُ .جاء بورقِ اليوكالبتوس. وأقامَ لي قدّاسا ودسَّ بين اصابعي مسحاً. وذكرياتٍ كان من فرطِ غواية يأتي لي ببرجٍ يائس. عابث بإقامتِه الجبرية تتوّجه شبقُ شرفاتٍ وعشبة تسيلُ دمعا. وكلمات لا تحتمل فَما يتنصّت لا علاقة له بالكون. ولا تفتح حوارا لإمتاعِ القلق. ووهماً خفيفا لنشيدِ ظلال لا تؤبن ضوضاء .تمكثُ غضّةً في نبيذِه وتخدشُ حياء شخصٍ مطرود من فردوسِ قوس قزح .جنّي مجنون مغلوبٌ على أمره كماءٍ ساخن ينتشي بمرورِ الضوء.
..............
أتأففُ من أشراقةِ غيمةٍ عالقةٍ في ريشِ عصفورٍ ميّت, لا يليقُ بي أن أسيءَ اليك ,وأجعلكَ مجهولاً .بك أنتهكُ الكوابيسَ وأضعُ حنكةً منتشية بجمالِ الحياة .يقيناً أنا أذهل من معنى فيك ,فقدهُ الكونُ ليلةَ ميلادِه شقيّاً متمرّساً بالكلامِ, أسترخي كثيراً أمامَ تمثالٍ يبولُ على الرصيفِ .لا أريد أن أفكّرَ لانّي سلّمتُ الروحَ في سيرةِ شعر, أصادفُ تفاحةَ الاخطاءِ تتكرّرُ مكتسحةً باقتي الخضراء, أدخلُ كهفَ تسكّعي ,تتوتّرُ أقواسُ أيّامي في سهمِ برقٍ ,يصبحُ كرنفالاً لخرافاتٍ, تقودُ الفاظي المهذّبة الى قعرِ بئر, لا أذكّركم بالتاكيدِ لانّكم تعرفون أن يوسف ماتَ, وأنا لم أحنثْ بوعدي أبداً ,سأُمسّدُ جبينَ أيقونةٍ تشبهُ عيون يوسف, تركَها نوحُ قربَ سفينتِه بأعلى كهفٍ مطلق الحال.
..............
أصعدُ الى سطحِ حياتي بأصواتٍ لا أبالية .تدفعني الى حافة بإغواء مغر. أطمئنُّ الى هلعٍ يثرثرُ لرغباتِ قمحٍ كاذب في حقلِ رغيف. لا يسخن الهواء تحت هوّةٍ خضراء. يلمّني قبلَ أن يقذفني آلهةٌ سود ليست غيوما بالتأكيد. لكنّها محض عبارات يطلقها طبعا بمجّرةٍ لائقة قوسُ نشّاب ضوء. يرأفُ بظلٍّ ينزلُ كأنّه مطر. تلبية لاصطيادِ سيرةٍ كاذبة. لحياةٍ تتسلّق الشرفاتِ بغوايةِ قمرٍ يحتاجُ الى فتنة.
..............
منذ أمد إنصات بعثرني النومُ في طيّاتِ خضرة. تنتقمُ من رونقِ التحديقِ بالمطر .بلا بدءٍ دون سواي بخفّة تقتضيها الشرفاتُ. أبدّلُ الضوءَ بالوردةِ والموسيقى بامرأةٍ تهرعُ اليك كأنّك فنجان. وتطلقُ نجومَ أصابعها في جسدِك وكأنّك سرير .عبثاً تعبثُ بلا جدواها قربَ ملمسِ ليونة حور. في فسحةِ شرودها اليك لا تحصى .لست أنسى أن أشقَّ الغيومَ اليها. أسمعُ ابتسامةَ أيقوناتها النائمة في المعبد.
..............
الأنكى من اعتذاري. أنّي أبدّد اليدَ وأعلنُ إبتداء يأسي بالكلماتِ .وكعرفانِ جميل أنقلُ جسدي الى مصحّة آلهةٍ .تقصُّ جسدي على مقاساتٍ لا تفكر بسيرةِ طفولة. أتنبأ بأدهى حبٍّ يجهشُ بالنسيان. يعزُّ عليّ أنْ أمضي بنفسي على سجيّةِ مرايا تطلقُ الىَّ قداديسي, في ظلالٍ تخلعُ ثيابها في حضرتي الواضح برفقةِ سهرة. مثلا تلمُّ حياتي المبعثرة كريشٍ يقتنع بالرفيفِ في الشرفات. يسهرُ كلَّ ليلة في حنكةِ كلام لا يفهمه .وحلكة قصد لا أعرف أنّه هناك ما وراء أصابع تهتز.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى