أمل الكردفاني - حقول الأوركيد البري.. قصة قصيرة

تحكي اسطورة هندية قديمة جدا ، أن أول من سكن الأرض كانوا ذكورا فقط.
وكان الذكور يستمنون على الأرض فتنبت أزهار أوركيد داخلها أجنة صغيرة ، وفي الربيع تنفتح أفواه الأوركيدات ليخرج أطفال ذكور أيضا.
كان الذكور كلهم يعيشون في قرية واحدة وينتجون ما يكفيهم جميعا للحياة ، لم يملكوا أي مخططات للمستقبل ، لأنهم لا يحتاجون لمعرفة ما يعرفونه بالفعل ، فماضيهم هو ذاته حاضرهم وهو ذاته مستقبلهم...لم يكونوا يرتكبون أخطاء ولا جرائم ، ولم يكونوا بحاجة لتعلم شيء سوى الاستمناء في الزمان الصحيح داخل التربة فينتجوا الأوركيدات البرية.
ثم أن مجمع الآلهة المقدس قد انعقد وقد شعرت الآلهة برتابة ما يدور في الأرض ، فقررت تغيير خطة الانتاج الذكوري.
أرسلت الآلهة برسالتها إلى القرية عبر طائر الوقواق الذي أخبرهم وهو يبتسم وعيناه تشعان بفرح كاذب خبيث بأن مجمع الآلهة سيمنحهم كائنا أدنى مرتبة منهم ولكنه سيسعد الجميع..وأمرهم بأن يستمنوا جميعا في حفرة واحدة ثم يهيلوا عليها التراب. وقد فعلوا وبقو في انتظار نعمة الآلهة.
وبعد تسعة أشهر تفتحت زهرة أوركيد واحدة صغيرة جدا ، وضعيفة جدا ، وباهتة بلا رائحة. ثم خرجت منها الأنثى التي هي ما نعرفها اليوم.
وقد فرح الذكور بالأنثى لكنهم كانوا كثرة وكانت واحدة ، فسعى كل واحد منهم لنيل إعجابها.
إدعى البعض أنهم متصلون بالآلهة وأدعى البعض بأنهم علماء وأدعى البعض أنهم سحرة وأدعى البعض أنهم فلاسفة لينالوا المجد في عينيها... غير أن الأنثى التزمت الصمت ، وظلت هكذا حتى انقسم الذكور فيما بينهم انقساما حادا ، وتقاتلوا دفاعا عن قناعاتهم ، وأصبحوا جميعا يمارسون السياسة والعنف والقتل والتفلسف وبعضهم اختار جنى المال...
عاد الوقواق الخبيث فنادى على كل مجموعة وطلب منها أن تستمني في حفرة واحدة ثم تهيل عليها التراب ، وهكذا تفتحت أزهار الأوركيد البائسة بأنثيات جدد ، غير أن هذا لم يخفف الانقسام بل زاده. وتحول الانقسام إلى حروب دموية ، واستعبد الذكور بعضهم لينالوا مجدهم في عين الأنثيات ، وهكذا تشكل حاضرنا اليوم بحسب الأسطورة الهندية...ولا زالت الأوركيدات البرية تتفتح في الربيع لترتوي من دماء الذكور قبل مائهم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى