بيرا كورا - أصِيص الكلام.. شعر

تكَلّمَ الله :
كُلّما قِيلَ شِعراً ؛
ردَدْتُ علَيهِ بِشَجَرة .
تنهّدتْ بُنَيّةٌ :
كُلّما يفعَلِ الله شَجَرةً ؛
أنتَظِركَ يا حبيبي تحتَها .
حانتِ العصَافِير:
أيُّما شجَرة نَهَضَتْ في الطريقِ الفَصِيحْ ؛
حيثُ ثَمّة ما يَغوي المَسِيح ؛
جئناها بسَحَابٍ أليفْ .
قالَ الوقتُ :
يا إلهي ،
كَيفَ أسرَفتَ هكَذا ،
و بَذَلتَ للشّجَرةِ كُلّ هذِه العَصافِير ؟
طالَتِ الشّجَرة على الوَقتْ :
أنجُ بجِلدك ،
كالَ الوَقتُ للشّجَرة :
امسِكي علَيكِ عصافِيرِك .
قُلتُ أُدرِكُ الله ،
قالتِ الرّوح :
تسَلّقَ القَصِيدة .
قُلتُ أدرِكُ القَصِيدة ،
قالَ القَلبُ :
تَسَلّقَ الرّب .
لماذا يا إلهي لا تَقُلِ الأشياء دُفعةً واحدة ،
و تَكفِني شَرّ الذهول ؟
وبَعضَ المُثولِ بينَ يدَي نَهَرٍ ،
فَكُلّما نَهرٍ جَنَيتُه ،
قـِسْتُ به رُوحي ،
وها أخشَى ،
أنّ بِرُوحي مَوجٌ و سَمَكٌ ، أن بِروحي صَدَفٌ وصُدَف ، وأشرِعة و غَرَقٌ ، عِشقٌ و فـسْقٌ ، آه أخشى أن بروحي صيدٌ ، و صَباحاتٍ بِفسَاتِينَ مُخْضَرّة ، و إنعِكاسات وُجوهٍ غائبة ، و إنكِساراتُ وجوهٍ ناحِبة ، و لَيلٌ و قَمرٌ و حُزنٌ ، و دَمعٌ و رَقصٌ و حبيبٌ و حبيبة .
و أخشى أنّ لِرُوحي ضَفّتَينِ ،
كَيفَ سأعبُر للضّفةِ الثّانِية ؟
و كُلّما نهرٌ ؛
كانَتِ الأشياءُ ناقِصةً ،
و كُلّما نَهرٌ ،
كانَتِ الأشياءُ كَسْلانة ،
وشَرِبها الحَنِينُ مُطمَئنّاً ،
و بانَتِ الأشياءُ بمِثلِ هذا الـ "يا إلهي ".
ناوِلنِي الأسْماء كُلّها ،
و أكفِني شَرّ الكَلامِ أمام الحَبِيبة ،
لِأُباغِتْها بالأمانِ كُلّه ،
الأمانِ الرّحِيب ،
بحَيثُ تستَطِيعُ غابَةً أن تَبحث عَن أشْجارِها المَفقُودة ،
بِحَيثُ تَستطِيعُ غابَةً أن تتنَزّه طَوِيلاً ،
الأمانُ الرّحيبُ الرّحيبِ يا إلهي ،
بحَيثُ تَستَطِيعُ الغابَةَ أن تُسافِر .
قُلِ الأشْياء كُلّها لِمرّةٍ واحِدة ،
ووَفِّرْ عَلَيّ بِلاداً لا تُكَلِّفَني حَبِيبة ،
بِلاداً لا تُكلِّفني حَقِيبة .
قالَ الله :
يا حبيبي ،
أنْتَ لا تَقُولُ الشّئ نَفسه مرّتَين ،
فابذُِر كلامِكَ فِي الحديقة ،
و انتَظِرِ المَطَرْ .
لا تَقُل الكَلِمة إيّاها للبُنَيّة ،
سَتَعْلَقُ بأذنِها الأيْمَن ،
فتَعتَني بِها كأنّكَ حينَ قُلْتَها حَبُلَتْ بِها .
و تُفكِّر :
لو وَسَِعَها أنْ تَضَعها فِي أصِيصٍ ،
لأنفَقَتْ ظّهِيراتها عَلَيهِا .
ستَعلَقُ الكَلِمة بأُذْنِها الأيْسِر ،
فتَخْشى ،
و ما الذي لا تَخشاهُ الحَبيبة ؟
وما الذي في بالِها لا يَطُول ؟
لكُلّ حَبِيبَةٌ أذنَها الأيْسَر تَماماً ،
و لكُلّ حبيبةٍ حُزنَها الأيْسَرُ تماماً ،
فلا تَنْسَ كَلاماً أعزَلاً بِقُربِها ،
لا تَدع كلاماً لِوَحدِه يَمشي إلَيها ،
دُسّ الكَلامَ في شَفَتَيها ،
حَرْفاً ،
حَرْفاً ،
حَرْفاً ،
فحَرْف .
دُسّهُ هكَذا بصِيصاً بصِيصاً ،
هَكَذا بِدفءٍ ،
يا حبيبي .


بيرا كورا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى