وساط جيلالي - وكانوا قد أحاطوا بهم من جميع الجهات..

كانوا يجلسون مُتكِئين على السّور القديم ، يَقْتَعِدون حِجارةً مُسطّحة كأنّها كراسي واطئة ، ويُغَنّون أغنية جماعية ، حين رأوهم يقتربون منهم وقد أحاطوا بهم ولم يتركوا لهم أية فرصة للاِنسلال٠
توقفوا عن الغناء ، شرب سعيد الإسكافي الكأس التي بيده بسرعة ووَضَعها بجيبه ، أخفى أحمد العَسّاس قِطْعَة الحشيش داخل جوربه ، واِنتعل بوشعيب السّائق حذاءه الذي كان قد خلعه لِيُريحَ قدميه ، ولم تكن هناك أي إمكانية للتخلص من زجاجات النبيذ ، وكانوا يَقْتَرِبون منهم وقد أحاطوا بهم من جميع الجهات.
قال سعيد :
- الضّابط عزيز ، من أولاد الكلب ، لا أمل يُرْجى من اِستعطافه ٠
وقال أحمد :
- والشرطي البيضاوي ٠
وأضاف بوشعيب :
- يبدو أن الآخرين قد عُيِّنا مؤخرا ٠
وفكّر سعيد الإسكافي في دُكّانه الصغير الذي تركه نصف مفتوح تحت عهدة جاره الحلاق
وفكّر أحمد العّساس بالنقود التي من المفروض أن يجمعها من أصحاب الحوانيت هذا المساء
ولم يُفَكّر بوشعيب السّائق في أي شيء ، فقد أخذوا منه الرخصة ، ومنذ شهر وهو عاطل عن العمل٠
وحين اقتادوهم إلى سيّّارة الشرطة التي كانوا قد تركوها بالمنعطف ، وأدخلوهم إلى الخلف وأغلقوا عليهم ، واتجهوا نحو الكوميسارية ، نسي الإسكافي والعسّاس والسّائق كل شيء ، نسوا الدكان والأجرة والرخصة ، والضّابط والمركز ، ودبّ النشاط في أوصالهم مرة أُخرى ، فاستأنفوا غناءهم الجماعي من جديد

وساط جيلالي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى