د. محمد عبد الرحمن يونس - نخلة تغازل نجمة.. قصة قصيرة

نخلة بهية صافية في رأسها ريشة.
عاينت نجوم السماء وقالت :
- سأصطادك كلك وأرميك طعاما لحيتان البحر . كم أنا امرأة غيرى !!!.
قالت نجمة حزينة مشعّة:
- يا أختاه كوني معنا ، السماء شاسعة تتسع لنا جميعا.
قالت نجمة صغيرة:
- ما أشد غيرتك ، كم أنت سودواية القلب ! نحن كلنا نجوم السماء.
قالت نجمة مراهقة:
- سأشكوك إلى عاشقي المجنون السكير العربيد ليكسرك، وينهبك .
قالت النخلة :
- أنا الملكة وأنتن الوصيفات. أنا الطالبة الراغبة، وأنتن الضباب والسديم.

*****

تأبطت النخلة شاطئ البحر، غازلت النورس كثيرا. أنشدت لها أجمل أغاني الهايكو.
رمقها نورس ساخر، ورشقها بالماء، وضربها بجناحيه فكسر أجنحتها كلها ، وحلق بعيدا ، وهو يغني أجمل المواويل.
جلست وحيدة على الشاطئ، غازلت السفن والمراكب، توسلتها أن تأخذها بعيدا بعيدا عن مدينتها المتزمتة التي لا تعرف العشق والحب.
وفي تلك الليلة أضربت عن الإبحار، ولعنت نفسها وركابها، وكل البحار التي قطعتها في ماضيها وحاضرها، وتلك التي لم تجئ ، ولن تقطعها .
بكت النخلة، بلل الدمع خاصرتها وبلحها، فتساقط البلح مفجوعا . وقررت أن تنام طويلا، وبكت : ما جدوى أن أستيقظ ولا أجد نورسا يعانقني ويأكل بلحي وتمري، ويشرب حليبي !. ما جدوى أن يبور بلحي ولا أحد يشتهيه!. لا طعم لحليب النساء إن لم يشربه الرجال العاشقون. أنا النخلة الجميلة الفارهة، وأنتن الوصيفات جميعا.
تبا لكل نوارس البحر التي لا تعرف أن تقدر سحري وجمالي، وعذوبة حليبي. أنا النخلة ، وكل ما يجيء وما لا يجيء نوارس خائبة، وأشرعة ممزقة. ورقدت، ونامت، وبكت، وحزنت طويلا، وما درت متى سيعانقها نورس أبيض يأتيها على حصان أبيض عاشقا، طالبا عسلها ولبنها، وفلّها وكحلها وعبقها.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى