عبد السلام بنفينة - نصوص..

-1-
أنتَ هنا أيها القلب
لمْ تَمتْ بعدُ ..
هم يُغَيّرون كُلَّ ما و كلَّ من لا يمتُّ لهم بِصلة ..
هم يُغيرون على أعشاش الحمام
هم يغارون حتى من خفقة سنبلة ..
هم القتلــة ..
و أنتَ المُعَمَّدُ بالدماء في الشوارع
في الصفيح الكسيح
في الحرف الجريح ..
و في أعالي الجبال
أنت القنبلة ..

***

-2-
نـا أيضـا أضـم موتـي إلـى موتـك
أنـا أيـضا فـزت بكـل ألقـاب الفشـل
فـوزا ذريعـا
و كـان قاسِمنـا شَـرَكـا
قُـدَّ مـن حبـل و شجـرة
فمـا أدراكَ أيها العنـق
أنّ ذاك الحبـل
صرخـة ميـلاد
و تلـك الشجرة
مقبرة ؟

***

-3-
دعيهِ يحدّثنـا
ذلك الصمت
بقبضة من خشب
و فوهة من فولاذ ..
دعينا نُفردُ للحكاية
جسدينـا
بطلين من ورق
و شهادة حياة مزورة
دون أدنى تأمين
أو تغطية صحية
أو تقاعد على رصيف ..
خذ كل الوقت الذي يكفيك
أيها الصمت
تنفس بكلّ ما تحمل من عمق
التفت يسارك
و صَوِّبْ ..
لا أحد هناك ..
سواها
و المدينة السليبة
و قلبي ...

***

-4-
منذ بدايةِ البدايةِ
كنتُ أرعاهُ بكُلّ لهفةٍ
قطيـع الحلـم ،
لمْ أَدَّعِ النّبوّة يوماً ،
لأنني بكلِ بساطةٍ
كنتُ ساذجاً بِما يكفي
لأصْحُوَ على
ثغـاء كابـوس ...

***

-5-
لست سوى صائغ حروف بسيط ،
مياوم يستظهر كل ما قيل
منذ ملايين السنين ..
لست سوى قلب
كلّما عَجزَ الرّبُّ
عن صَدّه،
أودعَهُ
صدر
الكلمات ...

***

6--
كُلّ المحطّات سواء ،
باحات المغادرة الفسيحة
أضيق من ردهة الوصول ..
على نافذة الطّريق المُطلّة إلى لا مكان و لا زمان ،
لازال يرمقنا بنظرته الواشية
عصفور الدّوريّ ..
مهما تباعدتْ بين دهاليز الإسمنت المسلّح ،
أشجار و حقول ..
ثمّة على سطح الجرح ،
أحلام من صفيح تجفّف مواسم التّين و الصّبّار ..
عارية منها تلك المحطّات ،
مكتظة بنا هاذي الفصول ..
وحده الدّوريّ يحرسنا منّا ،
وحده الدّوريّ يسامرنا كلَّ اللّيالي
و يبني من قَشَّة وحدتنا
عشّا على هيئة
صبــاح ...

***

-7-
أيها القلب المُضَرّج
بالأسماء و العناوين ،
أنا هنا
في الشارع نفسه
في القفص نفسه ..
أُحصي قَتْلاكَ :
لكلِّ نبضٍ مُخْبرٌ ،
لكُلّ خفْقِ جناحٍ
جلاّدٌ من حديد ..
أيّها القلب المُضَرّج
بالأرقام و الشّواهد و المواعيد ،
أنا هنا
لم أمتْ بعْدُ ..
غيرَ أنّي أُفاوضُ الحارسَ
عن قبرٍ بـواجهتين :
أولاهما قِبلةٌ لكل الطيور المهاجرة ،
و الأخرى عَرَقٌ تسقي عُروقُه
كُلَّ العروق ...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى