أحمد راسم - تأبين..

كانَتْ تحبُّنِي... ورُبَّمَا كنْتُ أُحبُّهَا أنَا كذلكَ
ولكنَّ "نِيسَانَ" مَاتَتْ،
تارِكةً إيَّايَ وَحْدِي، أنَا ذُو القلبِ السَّريْعِ العَطَبِ كحَبْلِ المَسَاكيْنِ.
وكحَبَلِ المَسَاكيْنِ أحْتاجُ إلى عَرِيشٍ.
كُنْتُ حَبْلَ المَسَاكيْنِ وكَانَتْ العَرِيشَ أزْهَرَ عليْهِ.
ولكنَّ آلهَاتِ الجَحِيْمِ جَاسَتْ أحْلامَنَا الصِّبيانيَّةَ
فبكيْتُ أيَّامًا طويلةً وسَأبكِي أيَّامًا طويلةً أُخْرَى.
فهَلاَّ ابتُلِيْتَ يَا صَدِيقِي بمَا ابتُلِيْتُ بِهِ أنَا وشَعُرْتَ بمَا أشْعُرُ بِهِ...
فتُدْرِك عِنْدئذٍ بُطْلانَ الحَيَاةِ بعْدَ تلكَ اللذَّاتِ كلِّهَا.
وتُدْرك شقائِي..
ومَعَ هذَا
أتمنَّى أنْ يكونَ لي عَذْرَاء شَابَّة ألعَبُ بنهديْهَا...
فإنِّي أسْأمُ حَيَاتِي
فضَجَرِي المُضْنَى يتثاءَبُ كصَدَفٍ آسِنٍ أوْ إذَا شِئْتَ، أيُّهَا القارئُ الرِّثائيُّ، كوَرْدَةٍ مَنْسِيَّةٍ تذبُلُ بهدوءٍ في جَوٍّ كئيْبٍ باردٍ يُخيِّمُ فيْهِ السُّكونُ، يَحْلُمُ السُّكونُ فيْهِ كوَرْدَةٍ مَنْسِيَّةٍ!
أودُّ أنْ أقبِضَ على نَهْدِ عَذْرَاء؛ فيشرئِبّ في قبضتِي ككلْبٍ صَغيْرٍ
يُلاطِفُ حِيْنًا ويعتدِي حِيْنًا وينبحُ على القَمَرِ.
ذَلكَ أنِّي أكادُ أختنقُ حيْنَ يقعُ نظرِي على زَهَرَاتِ شِفاهِ الفتيَاتِ
وإنِّي لكذَلكَ النَّسرِ المَحْطُومِ الجَنَاحِ الَّذي يموْتُ منْ العَطَشِ بجوارِ ينبوعٍ حَيٍّ.
إنِّي لأودُّ أنْ أُقيْمَ
بقلبِ كلِّ مَنْ يقولُ لي جَمَالُهَا: اسْمَعْ
بقلبِ كلِّ مَنْ جَعَلتْ قلبي وَطَنَها
وأنْ أكونَ موضوعَ أحلامهُنَّ في المَسَاءِ، في القَمَرِ المُعَطَّرِ منْ أسِرَّتهِنَّ حِيْنَ ينسلُّ الحُبُّ حتَّى إلى أطْرَافِ أناملهنَّ الحَسَّاسَةِ...
أودُّ أنْ أكونَ هذَا الرَّجُل!
ولكنَّنِي أودُّ اليومَ أنْ يكونَ إلى جَنْبِي فتاةٌ مُورَّدَةٌ مُذهَّبَةٌ كالدَّرَاقةِ ، عذبْةٌ كصَبَاحِ الرَّبيْعِ، وأودُّهَا بلهاءَ طريَّةً ليِّنَةً كسُنبلةٍ في الهَوَاءِ...
فإنِّي أسْأمُ حَيَاتِي.
أعلى