أحمد بنميمون - الكأس ما قبل الأخيرة.. قصة قصيرة

كنا حين نصطف مزدحمين،أمام الكونطوار فتية غواية مستبشرين، ونحن نكرع كؤوسنا دهاقاً، لا نستحضر ما يتهددنا بين يدي الزمن القاسي ، فلا نتأمل ونحن في أوج يفاعتنا صورتنا في مرآة هذا الشيخ الفاني الذي يقف في الجهة الأخرى من البار، يحصي ما يقدمه لكل منا من قنينات البيرة ، بقطعة طباشير يضع بها خطوطاً صغيرة على خشب العارضة، لعدِّ ما يتناوله أينا على حدة، كما يحصي الموت علينا أنفاسنا وأيامنا، ما مر منها وما بقي، أو نتأمل خوان ، وهذا كان اسمه، في شيبه الذي ضحك بكل رأسه فغطى شعره جميعاً، الذي لم يكن يضحك إلا نادراً، فكان في صرامته ، التي لم نكن نعلم هل هو صادق فيها أم مجرد ممثل واءم دورُه الذي يقوم به شخصَه الحزين.، أجل لم يكن يضيء زمان حزن وجهه إلا ضحكً خاطف سرعان ما ينطفيء، حتى وهو يرد على تحية من يأتي منا أو يغادر، كان خْوان الصياد ، مالك بار الصيادين، لاتكاد شفتاه تفترُّ عن ابتسام، ربما لأنه كان يخشى أن يفقد بقية احترام تقوم بينه وبين رواد حانته المختلفين ، ما بين ابناء بؤساء وعمال بسطاء أو فقراء محتاجين ، يقدمون كاس خمرهم على لقمة خبز لا تقوى وحدها على إسناد قامة أحد من هؤلاء السكارَى البائسين ، الذين كان يبدأ تواردهم على الحانة مع ساعات الأصيل ،ويتخذون وهو يدخلون البار الواحد بعد الآخر ،سمتوقورين. لا تفرق بين دخول هذه وذاك منهم إلا دقائق معدودات، ثم يشرعون في احتساء ما بين أيديهمي من خمراً حمراء رديئة أو بيرة صفراء رخيصة، فيرتفعون إلى سكرهم أو يسقطون في مهاوي ضياعهم،درجة درجة، حتى إذا ما انتشوا، ولعبت برؤسهم ابنة الكيمياء العجيبة التي كانت تقطر من كروم قديماً فأصبحت معاملها اليوم لا تلجأ لغير محلول كيمياويات لإسعاف هذه الإعداد اللانهائية من بشرنا المستضعفين ، يطلبون بعض الراحة بين يدي ساق غير كريم ، هو صاحب حان إذا هم لم يؤدوا ثمن ما يشربونه تحت سقف خمارته، يمنع عنهم وردهم وكل ما يطلبون.

***

وأنا أتذكر أنني كنت من بين زبنائه المداومين،أيام كان شعار حياتي الحرص على الكاس والسيجارة اللعينتين، صديقاُ غير محظوظ بالفعل لهاتين الآفتين. دون أن أفكرحينها أن أتخلى لأي سبب عن إحداهما، وأمامي صاحب الحان الشيخ لا يزال بسيجارته الرخيصة يمسكها بين شفتيه المتهدلتين،وبينا تنصرف عيناه المتعبتان اللتان تنظران إلينا نحن المزدحمين على منهله غير العذب، نظرة لا أحد منا كان يستبطنها، فهو من بقايا معمرين، قد فضَّل أن يبقى بيننا رغم رحيل ابناء جلدته منذ زمن بعيد، أدركته شيخوخته في أرض كان قد لجأ إليها هارباًبجلده من ديكتاتورانتهى إلى حكم بلاده بعد حرب أهلية طاحنة،استمرت نحو ثلاث سنين أو تزيد،، ولأنه قرر البقاء فقد كان عليه أن يغير من سلوكه، وشكل علاقته بأبناء البلد الأصليين.

لكن زوجته ماروخا الشريرة ظلت على كراهيتها العنصرية للأهالي، وإن كانت على علاقة ببعض رواد حانة زوجها، الذي لم نكن في أوج لهونا وبداية سبابنا نفطن إلى ما تعانيه زوجة صياد عجوز، فقد كانت إذا عسعس الليل وهاج الدم في أعراقها انفتحت رغم عنصريتها على من ترى إمكانية استغلاله بين الرواد الذين قليلاُ ما لا ينهارون مع منتصف الليل ، ومن لا ينهار منهم يتحول إلى حيوان مفترس ، إن لم يؤذ جليسه المجاور له ، ثار وحطم القناني وكسر الكؤوس وعربد ، كأي سكير مضطهد مقهور، بين سكارى مثله مساكين مغلوبين.

فتشب معارك لا تنفض إلا بعد مفاوضات يلجأ من يتطوع لتسييرها إلى الاستعطاف والتحايل وهو يدفع نحو الباب الخارجي من يرد التخلص منه من أطراف الصراع المحتدم على أرض البار ، فإذا نجح في أخراجه، تغلق الباب إلى حين أن يتخلص من زبون ثان ثائر ، وهكذا إلى أن يكتشف السكارى أجمعين انفسَهم وهم يقفون على ارض الشارع المقفر، حيث يفقدون ما كانوا يتمتعون به وهم على حلبة البار من حرية شغب وفوضى لم تكن ويلاته تقع إلا على راس خْوانْ ذلك الإسباني المسكين.

***

كل يوم كان ميعادنا في باره، ويبدأ اجتماع كل يوم والزبناء في منتهى الأدب والهدوء ساكتين كان على رؤوسهم الطير، لكنهم شيئاً فشيئا، يفقدون هدوءهم ، وينخرطون في هَرْج ومَرْج فلا ينتبهون إلا على ضوضاء قناني تكسر فوق رؤوسهم، في معارك بين هذا الطرف الذي كان هادئا فاستثاره تعليق ممن يجاوره أو من زبون بعيد. ما أغرب ما أتذكر، وإنني لأتعجب كيف كنت أنجو من صراعات كل مجمع ، وإن لم أسلم من صدام ذات يوم ، بعد أن طفح بي الكيل، فلم أشعر إلا ولساني ينطلق بعبارة هي شتيمة لو قيلت لغير من تلمرفع الكلفة بينهم من أصدقاء ، في وجه شخص ما أن سمعني أخاطبه بها حتى رفع يديه في وجهي محتجاً،فصادفت حركته اقتراب وجهي منه لترتفع نظارتي إلى أعلى فتقع متشظية غير بعيد، مما صعد من الموقف وأبعد كل تفاهم ، لأنطلق بعد ذلك سكران في الطرقات مبتعداً عن البار، وأنا أصرخ بل و أعوي شاعراً بضيم شديد، ورغم ذلك، ظللت في نظر ذلك الشيخ من زبناء زاويته المباركة الهادئين. كثيراً ما كان شرابي بيرة حسناء أكتفي بتناولها عند الكونطوار، فإذا أضطررت مرة مع أصدقائي في أيام ضيق ذات اليد، إلى خمرة تناولتها بالصودا بعد أن نلجأ إلى الموائد الواسعة والكراسي الممدودة التي كان الإسباني قد ظفر بها لحانته بعد أن وُزع أثاث الكنيسة المحلية بين أبناء الجالية من جنسية المحتلِّين السابقين، فأثث بها قبوَيْ حانته ، مأوى شباب هذه القرية الضائعين.

***

وقد كان خوان يتعجب لحالي ، ويحتارفي تحديد نوعيتي ، وهو يرى أحياناً كتباً بين يدي، أو ما يمكنني أن أخلو إلى قراءته في ساعات فراغ البار من الشاربين. كنت أشرب وأقرأ ، بل أكتب أحيانا ما تأتيني به شياطين آخر صفوف الملهمين، فمن كانوا في أوائل الصفوف منا، كانوا في مكان آخر، حيث لا وقت يضيع، ولا زمن يهدر ، والحقيقة أنني لم أكن لأستريح إلى الجلوس في انتظار الإلهام جلوس محظوظين، لما كان يشبُّ في أعماقي من قلق لم أكن أقوى على إطفائه أو حتى على تأويله، ولم يكن قلقاً غيبياً، بل بسبب أوضاع يومية كان صراعي فيها صراع فتىً غافل، رافض لأي صوت ينصحني، ولم يكن في تلك الأيام وعظ ديني ، وذلك لأن شعور الناس بالخيبة والحرمان لم يكن قد قوي بعد، فكان إذا لوَّح أحدهم أو أشار إلى ما يحسن بالشاب اتباعه، فصَّل في ما ينبغي أن يكون عليه من خلق كريم. وقد كانت أخلاقنا رغم إقبالنا على الكأس ، أنَّى كنا ، كريمة بجميع المقاييس، فلم يكن أمام الكبار من سبيل علينا إلا أن ينبهونا بكثير من اللطف، إلى واجب الالتفات إلى صحتنا التي تتأثر بإدماننا للخمر والتدخين.

***

فوجئنا ذات نهار بصديقنا محمد الأبيض ، وإن كان المسكين أسود الحظ، يقف حيث كان خوان خلف البار،نادلاً لحانة الصيادين، فصفقنا لمواهبه التي كنا نصفق لها وهو يؤدي أدواره في مسرحيات فردية،، فقد عرف كيف يتسلل إلى ما وراء ذلك الجبل الأبيض في وقفته خلف الكونطوار، وكسب مودته وشفقته، فضمه إلى كنَفِه،برمانا مرحاً ، ففرحنا بما ظفر به من عمل وهو الشاب المحتاج وأحد موهوبي ثلتنا الحيويين، فكان يبسط لنا من زمان هذه الحانة فُسحاً لا تتوفر للآخرين، فمرة مع عطلة آخر السنةغاب العجوزللاحتفال مع أسرته بأعياد الميلاد، وأحببنا نحن أن نقيم حفلاً، بعد أن ينصرف الزبائن ، فنغلق علينا الأبواب، إلاأن زبوناً تأخر تبين لنا أنه كان شرطياً في لباس مدني، فلما دنت ساعة العام الجديد ، رجوناه أن ينصرف بحجة أن لنا اجتماعاً خاصاً،فما كاد يسمع كلمة اجتماع حتى صاح:

ـ لا ، لن أغادر ، أتعترفون أن "عندكم مجتمع"

فحرنا بين أن ننفجر ضاحكين مما نسمع أو أن ننفجر من غيظ ،لسلوك هذا الرجل اللعين، فقد فهم أننا خلية تنظيم تريد عقد اجتماع خلف الأبواب الموصدة،والجو العام خانق ،والزمن مرحلة الاستثناء السياسية البغيضة،وها هو شرطي سكران اعمى يرفع صوته، كاشفاً عن معرفة تسمي الاجتماع بالـ"مجتمع" ومثل هده المعرفة كانت شائعة في وسط رجال شرطة كانوا يختارون من بين الشباب الأكثر جهلاً، حتى من كان منهم بين البوليس السياسي الذي اشتهر بيننا من يتمتع منهم بموهبة خارقة في التصحيف والتحريف، فنذكرنا ونحن في قمة غيظنا تعبير أحدهم " السياسة العلومية" وهو يريد به العلوم السياسية. فنضحك ضحكنا الذي كان شبيها بالبكاء

ـ أرأيت إلى أي حد كنا مراقبين، وأي مستوى من المعرفة كان يهتدي به من كانوا مكلفين بأحصاء أنفاسنا؟

شهقت متعجبة،وأرادت رغم ذلك أن تحول دفة ذكرياتي إلى ضفة أخرى، فقالت:

ـ ألم يكن بقريتكم رجل رشيد، يتولى نصحكم؟
ـ آ...نسيت أن أذكر بَّاحسن ، الفقيه خفيف الظل ، متعدد المواهب ، الرجل الصوفي الذي مزق ، خرقة الصوفية أكثر من مرة، فقد كان متفتحاً يقريءُ العلوم ولكنه...
ـ لكنه ماذا؟
ـ "يحب الشباب إذا ما التحى" ومع ذلك كان لا ينسى أن ينادي فينا، بين الحين والآخر:
ـ لقد طال شربكم، وأوغلتم في الغواية، أفلا ترشدون؟

فكنا نجيبه:

ـ أنرشد بإقلاعنا عما أدمناه، فهل يهدي غيرُ الزمان ودوائرِه، قوماً مدمنين؟

فقالت صاحبتي:

ـ وماذا كنتم تنوقعون؟

فقلت مستنكراً:

ـ أفلا يحتاج الإدمان إلى ميكانيزمات علاج كما تعرفين؟ فلم يشف مدمنٌ، فيما عرف الناس، بمجرد عقد النية على التوبة.

***

كانت تصلنا موسيقى من بيوت تجاورنا،وأصوات جماعة ما بين ضحك ماجن، وضوضاء فُحْشٍ مرِحٍ،بينا نحن في شد حبل بين فكر أنثى تريد النصح في الظاهر،وباطنها رغبة تتأجج في كشف أخطاء تتصور أن من تحاوره يخفي عنها وقوعه فيها. ورجل يحس أنه غارق حتى ذقنيه في شرَكٍ لاسبيل إلى الخلاص منه ، بعد سني زواج ناهزت الأربعين.

***

اين هُمُ الآن ، أصدقاء ذلك الزمان البعيد، وحتى فقهاؤه الجميلين، لقد تفرقَتْ مجالسنا، وتغير من نعرفهم،وسار كل منا في طريق، فلم نعد نلتقي، بعد أن خفَّتِ وتيرة شرابنا عما كانت عليه في زماننا الأول، وانقطع من كف منا عن التدخين، ونحن نرى إلى أفراد ثلتنا في بار الصيادين يتساقطون الواحد بعد الآخر، تحت ضربات الموت الذي لا يزال يختطف هذا أو ذاك من أفرادنا، محظوظين وغير محظوظين،بل إن كَفَّ القدر كانت أسرع إلى اختيار من لم يذق منا سيجارةً، ولا استروح شذى كأس ، ولا عرف نار قلق أو راوده همُّ آباء مساكين، أما أنا فقد كنت كففت بعد أ أمضيتُن خمس عشرة عاماً من شراهة تدخين، لكنني عاهدتُ الكأس الا أفارقها أو أطلقها مهما يكن، بل إن لي أصدقاء إن لم يسقطوا صرعى سيجارة أو كأس، فقد سعوا إلى حتفهم بظلفهم، حين سقطوا ضحايا في حرب طرق غيَّبتهم ، إذ لم يكونوا بيننا يوماً، وهم يلهون. وتأجل سقوطي أنا إذ نجوت في حوادث سير كنت صريعاً فيها بالقوة، لولا ضربة حظ، لا تزال تؤخر رحيلي إلى حين.

***

كانت الريح تعبث بالستائر البلاستيكية نسدلها ونرفعها بأزرار كهربائية، لكن صوت تسرُّبِ الريح ما بين ثغراتها ، شبيه صوت نبش أقدام فئران وهي تحفر في خشب، أو رفوف، فما من زفيف أو عزيف يسمع، ولا برد حتى وأنا أجلس وسط هذه الحجرة في آخر يناير من برد هذا العام اليابس في معظم أيامه التي طغى ماء سيولها ، في وقت سابق، على مآوي ناس كثيرين. والتفتُّ إلى صاحبتي، ورأسها يترنح ما بين أيدي يقظة وهجوم نعاس، يريد إسدال جفونها حتى قبل أن تهمس لي بتحية المساء ، إذا أرادت الذهاب إلى نومها، فقلتُ:

ـ هل أتابع؟ أم أراك لهوتِ عن حكايتي ، وتركت لي أوجاع الماضي السحيق، وما تأتيني به من صور الراحلين ...لماذا إذن كنت تسحثينني على استعادة ما مرَّ؟ ولقد فطنت منذ سنين إلى أنك لا تريدينني أن أسترجع ذكرياتي إلا للإيقاع بي، فأنتِ لم تصدقي لحد الآن ما كنت عليه من نقاء ، وتحرصين على دفعي إلى مزيد من الحكي ، لعل حصان سردي يكبو، فيغلبني حنينُ إلى حبيبة، أو آتي على وصف ذات مضجع عاشرتها ، أنا الذي أقسمت لك أنك أول امرأة في حياة عريس الغفلة هذا الذي ترين، أفلا تتقين؟ سكتت متظاهرة بمغالبة النوم، فرفعتُ عقيرتي محتجاً:

ـ أقسم لك للمرة المليون أن كل عمري قبلك لم يكن أكثر من إقامة في بيداء لا نبع فيها ولا زهر، إلا ما كان يرفرف بين يدي من جمر تذكيه فجائعي، يفنى بين رئتيَّ وأصابعي ، وكؤوس على كثرتها لم تكن ترويني. فتحت عينيها في نصف إغماض، وهي تقول:
ـ لكني لم أرَكَ تُبْتَ عن الشراب بعد،
ـ بل تُبْتُ، ولم تبق أمامي إلا كأس واحدة وحيدة...

ضحكت مستغربة ، وقد بدا على وجهها سيماء من يكذب كل ما قلتُ :

ـ فلا توبة إذن،ولا من يحزنون...

فأضفت متسائلاً:

ـ ألم تعرفي أية كأس هي هذه التي لم يبق أمامي غيرها؟
ـ إنك لا تريد أن تقلع عن مزحك أو سخريتك، لا أدري .
ـ هي كأس إذا تذكرتُها تحيرت في أمرها، لكوني لم أذق لها مثيلاً فيما كرعت من كؤوس، ولا عرفت أهي في مذاق كأس ذلك الصوفي التي شربها قبل أن يخلق الكرم، أم لها مذاق جمر هذه الأيام الرديئة، يالطيف.
ـ إنك لا تريد أن تكون جاداً، كعادتك كلما دعاك حنينك إلى كاس جديدة، أو إلى صحبة ضالين.
ـ لو فكرت معي في أنواع السكر التي عرفها البشر ، لاهتديت إلى ما أعنيه.
ـ هل تريد بعض الجدية، أتركني أنم من فضلك.
ـ بل إني لا أجد منك صبراً، كلما اتضح في كلامي ما أشير إليه.
ـ أنت لا تشير إلا إلى ما يملأ عليك قلبك وحلامك من صور ما تعشق، كاساً كان أم رغبة في.....
ـ لا تتسرعي أرجوك... ، بل لم يعد أمامي وقت، وأنا لا أراك تريد قول شيء مفيد.
ـ إني لأتذكر كأساً لا تأتي إلا بالحق
ـ إذن فأنت تعترف أن كل كؤوسك التي شربت كانت كؤوس باطل....

قاطعتني في احتجاج هاديء.

ـ لا، ليس باطلاً مطلقاً وإن كانت كؤوس محرَّم
ـ زدني علمأً، فهناك الباطل المطلق وهناك الحرام ، فهل من شيء آخر في تصنيفاتك ، أيها المؤول الكبير؟
ـ أتى أمرُ الله فلا تستعجلوه....
ـ آ..إذن، فها قد جَدَّ الجِدُّ...
ـ نعم
ـ وجاءت سكرة الموت بالحق....
ـ إذن فقد عرفتُ ما أردت، وأنا أعتذر ...
ـ وأنا لن أقبل عذرك ختى تسمي لي كأسي الأخيرة على الحقيقة ، وليس على أي مجاز أو تشبيه
ـ إنها فيما بدا لي كأس موت
ـ وسوف تشربينها معي إن كان لك أن ترافقيني إلى ذلك الحين.
ـ هذا عهدي لك.
ـ أما رأيت أنني كنت على حق .
ـ في أي شيء ؟
ـ في كوني كنت ولا أزال أتألم، فلا أذكر هذه الكأس التي لا تراودني إلا

ومعها صور أحباب، لا يزالون في القلب مقيمين.

***

نظرَتْ إليَّ ، بين نعاس يتقدم ويقظة تتراجع، فلم تستطع أن ترى ما اغرورقت به عينايَ ، وإن كانت قد أدركت أنني لم أسْلَم من ضربات بين أضلاعي لا تَنِي تذكرني بكأسي الأخيرة الآتية، كلَّ آونة وحين.
إ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى