عبدالوهاب محمد يوسف ( عبدالوهاب لاتينوس) - هذا الكورونا...!

أردتُ فناء هذا الإنسان ، والذي أثبت أنه تجارة خاسرة للرب ، والذي أظنه يعض أصابع الندم الآن بلا جدوى ،
أردتُ فناؤه ، لأنني أحبه أكثر حتى من الله عينه ،
ولذا أردتُ تخليصه من هذا العذاب السعيري الذي لا حد ولا نهاية له . ويتمدد يوماً بعد يوم ، فحسب.
أردتُ فناؤه ، لأنه لن يكون بأي حال ، أكثر من حطب للحرب الدائرة الآن ، وما ستأتي من حروب أخرى ، سيكون الإنسان حطبها أيضاً.
كنتُ أتساءل دائماً وأبداً ، عن جدوى هذا الإنسان الذي أنهكته الحروب ؟ عن معنى وجوده ؟ عن مغزاه ؟
بخبث ، أتساءل عن جدوى هذا النصف إله ، أيمكن أن يُحدث عدم وجوده ، فرقاً بأي حال ؟
أجدني ناقم على هلع العالم بسبب هذا الكورونا ، والذي لم يكن جديداً بأي حال ، في نظري .
هذا العالم الذي لا يعرف غير صنع الحروب وبذر الخراب ، لماذا يخاف الآن ؟
الحرب ، الموت الذي لا يكف الإنسان عن صنعه .
يحب بشغف ، كل ما لا يمت بصلة إلى الحياة .
يحب الفناء ولو أنه لم يعلن ، أو لم يدرك ذلك .
ذا هو الإنسان الذي أتحدث عنه هنا ، هذا الخراء النتن ، خطيئة الله أو خطأ الطبيعة ، مسخ لم يعرف له مثيل منذ الأزل وإلى الآن.
لكم أشفق على الله ، على حماقته ، يا لها من حماقة لا تستحق ، يا لجهده الذي تبدد هباءً.
لكم كنتُ أمل في أن يتمكن الملائكة في ثني الله عن قراره تلك ، القاضي بخلق أحمق لا يجيد غير الخراب.
" كانت تقاليد الإنسان ، وعقائده ، وكل أفكاره تمجد الحرب وتراها عملاً إنسانياً نبيلاً ، ومقياساً صحيحاً لفضيلته وبطولته . وكانت آدابه وفنونه وأديانه ، هتافاً حربياً ضاجاً ... كانت صلوات متواصلة لإله الحرب البطل الشرير " .
هو ذا الكورونا الذي أقصده ، كما كتبه القصيمي قبل نصف قرن من الآن . كما أحب هذا القصيمي اللعين ، كم أصلي له ، أصلي له من أجل كل الذي قاله وكتبه ، ومن أجل كل الذي قاله ولم يقله ولم يكتبه أحد .
الكورونا هو الحرب اللعينة هذه ، التي تطحن جسد الحياة ، تغتصبه ، تفتض بكارته في وضح النهار ، ومعه بكارة الضمير الإنساني .
الكورونا هو هذا الإنحدار القيمي في سباق الأخلاق ، الإنحدار نحو الحضيض ، نحو اللاشيء غير الخراب.
الكورونا هو تلك المثيولوجيات القاتلة ، تلك الأيديولوجيات الخبيثة جداً .
هو خطاب الكراهية الذي نوزعه صباح مساء
هو كل هذا الماوراء ، التهاويم ، وضجيج السماء .
" كانت الحياة طريقاً طويلاً من الدماء ، سار فيه الإنسان ثملاً ، ومن حوله الحداة والطبول والشعراء والأنبياء ، يغنون بمجد الدم ومجد السيف " .
اه ، لكم أنت تكتبني أيها القصيمي ، ولكم أحبك أيها النبيل ، في زمن غياب النبلاء .
هذا الإنسان/الوحش الذي يمزق نفسه بمخالبه عبثاً ،
هذا الذي يعبث بكل شيء ، دون أن يجيد فعل ذلك .
الإنسان هو ليس أكثر من قارب مثقوب يتأرجح وسط أمواج البحر المهتاجة .
أجدني مع الخراب الجميل ، مع الفناء . أمل بشدة في أن يضع هذا السيف الكوروني ، سيف الساموراي هذا ، حداً لنهاية هذا العبث الرجيم ، ليوقف معاناة خراف الرب مرة وإلى الأبد.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى