عامر الطيب - توهمت أن تكون تلك حكايتي

توهمت أن تكون تلك حكايتي
لكنها حكاية أربعين رجلاً ضاعوا في الصحراء
وبدت لهم السماء شيقة كطريق إلى النهر..
ثم أنهيت كلامك عني
كما ينهي الغرباء بكاءً مختزلاً عن بلادهم .
توهمت أن هذه الأمطار
سعيدة لأنها تقع
و لم تنتبهي لجراح القطرات الخفيفة التي تلمع
على الأرض.
توهمتِ أن يتصرف حبك على نحو لائق
كما يتصرف الخيميائيون
لكن أحداً لم يكن مطمئناً لخطواته
حتى أنك ألفتِ قصصك على أبعد المصابيح
أبداً لن تكون هذه يدي
أو رأسي أو كتفي
ليست حياتنا سوى ساعة متأخرة من الليل!

تكبر الأرض كما تتورم القدم التي تمشي
لكن القدم ترتاح
و الأرض ذاهبة في طريقها بجفاء.
اليوم أغلقتُ النافذة
لكي لا تعجبني المسافات
لكي لا تقع حجرة صغيرة من أعلى الجبل
في المكان الأشد جرحاً
حيث لا تفتتح الحجارة إلا في مجرى الأنهار !

هذا صباح آخر
لا تقل ما قلته البارحة
لا تتوتر زيادة عن اللزوم
لا تنبح وأنت تلاعب طفليك
لئلا تتيح للكلاب
فرصةً للتذمر
مما حدث في العالم.
مواسم بشعة
تجعل الرجال ينبحون
كأن الأيام الطويلة تنتهي
و الأيام القصيرة تنهار !

لن أحبك يوم الأحد
كما أحبك يوم الإثنين
الأحد يكفي لأن أندب معك
أو أتسمّر مكان ما يبدو الناس
منشغلين بالألوان
أما يوم الإثنين
فإن حبك سيزداد شجناً و تسلية
كأن القصاصات الصغيرة
تحرج تأريخ الكتب!

تعطلتْ الشمسُ
فللشمس انشغالاتها الساذجة أيضاً
قد تكون ازدهرت في النوم
أو قد تكون طلبت
من أحد أن يوقظها و لم يفعل
هذا الأحد الذي نقول له
لا تنس أن تنبهنا عند الساعة السابعة صباحاً
دائماً ما يستيقظ بعد سنة و تسعة أيام !

قبل أن يومئ لي الموت
سأبادر و أسأله عما يعنيه .
أنني لست مخطئاً أن نظرت
لحياتي على أنها لعبة
لكني لن أطمئن وقد وجدت أشياء باهرة
دون أن أبحث عنها
مثل هذا الكتاب الذي أتصفحه الآن
ما كنتُ أتوقع أن أصادف اسمي ذاته
كمدخلٍ لتاريخ رجل أسوأ مني !

جسدك يجعل المرء بطيء الفهم
مع أنه حاد الذهن ،
مشيتِ مدناً و أنت حزينة
مشيت مدناً أخرى وأنت مستاءة
لكن إلى أن تحدث طريقة ملائمة
لنقل حكايات الحب
سيكون عليك أن تكتبي كثيراً
عن البرد و الشمع و الأمهات
و سيكون عليك ألا تضعي كلمة راسخة
إلا بعد تقشير العدد اللازم من الكلمات!

ضعي يديك على عينيك
ليبدو العالم مداناً بالأصوات.
الللية البعيدة محجوزة للأساطير
فلتكن هذه العتمة الصغيرة لنا .
ضعي يديك على عينيك
و اكذبي علي أنك تعرفين ما أفعله الآن .
كنتُ أقفز من جهة لأخرى
لكنك كل مرة
تزيحين إحدى أصابعك
خشية أن أقع!

بالكاد أطلب من بلادي
أن تسمح لي لأدخل
ضربتُ الجرس فتبين أنه عاطل منذ زمنٍ
حاولتُ أن أدفع الباب
لكني شاهدت مصائر الغرباء الذين فعلوا الأمر ذاته
و ماتوا في الخيبة و البرد.
هل ستظل البلاد أليفة و تصلح الجرس
أم ستصبح غريبة و تفتح الباب؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى