مقتطف الاخضر داز-اين - رواية: عوز الاستثناء(2)

المنْظر الثّالث
" درْب التبّانة"
حين إكفهرتّ السّماء بغيوم الغسق الأسْود، وهبّت رياح الشّمال العاصفة والغادرة، ايذانا بأنه قد حلّ عيد المهمّشين، موعد تهييج السّواد الأعْظم، وأزهرت جماعة من القطيع الآمن كل الربوع والثنايا بالألوان الرمادية والزاهية، حينها تربّعت شاهبّاء العظيمة على كرْسي الحكْم. في ذلك اليوم المشؤوم، يكمن السرّ في أنها تترأّس جمْع الأفراد، اعلان انبلاج بداية السّنة العرْشيّة الحديثة ، ويحْدث ذلك في موْعديْن، لا ثالث لهما اليوْم السّابع عشر من "شهْر الدّماء"، وفي والرّابع عشر من "شهْر الخلْع" ، ولا ملام من السّماع للحشْد والنظر في شكاويهم البائسة حتى تتسلّى شاهبّاء، الفاتنة، بأحلامهم الزائفة وتنوّر آمالاهم بجوائز السعادة الخيالية، ا أكوام من العطايا المتردّية والنّطيحة، خلع من قصرها: ثيابها البالية وعطورها الفانية وبقايا هضْمها العفنة، ولكن "لا نبالي فهي أرضنا وأمّنا"، إفْتراضا ووهْما وخيلاءً..
تكلّمت الجوقة بأهازيج التمسّح على قدميها همسا وتمايلا:
ألا فلْتهنئي...ألا فلْتسعدي...شاهباء شاهباء
نحن لك وجاء...ألا فلْترْضي.. شاهباء شاهباء
نحن لك فداء...... فلْتكوني (بصوت منغّم وممتد)..
شاهبّاء شاهبّاء....لك سجودنا...فلْتكوني...
ابتهجت الملكة الرّبة وسال لعاب شهوتها، واشتدّ عليها الشبق، ولم تجد بدّا من التميّع واظهار الغنج، فأظهرت لسانها الناري في حركة محمومة، ولم يكن بإرادتها الّا أن تكشف عن خفايا جسمها الناري فحرّكت مؤخّرتها، ورفعت الإزار عن مفاتنها، صدر ممتلئ ومنه نهدين مكتنزين. بل إنها، وفي غمرة احمرار عينيها وتوهّج حميم الشهوة، ما كانت تملك من أمرها الا أن تسمح للجوقة بتقبيلها والتمسّح على إزارها المنساب خيلاء، وهي تتأوّه والجبال تردّد صدى آهاتها، ولكن دون أن يواقعها أحد فهي الرّبّة، ولا تزال . شعر المساكين بالحرمان وترامت أمامهم أحلام الزمن الجميل، صور معلّقة في مخيلة الوحي الصافي، روح الايمان الصافي بالعدل والحرية، كانت أحلام زئبقية ومآسي الجماعة في أفق الجوقة الشرهة للتبعية والموالاة ...لم يجد "الكوني" فرصته بعد...فهو لا يزال يتغنّى بمقولات مهرجان الخصي المنظّم الذي أشرفت على انطلاقه الربة شاهباء وجوقتها، لقد استصدرت قوانين "منع الفحولة" منذ نهاية سنوات" الخلْع"..نحن نقف على مشارف عصر الجليد الذكوري الجديد، ما عادت تلهينا الاناث أو تثيرنا أجسامهن الفاتنة مهما أظهرن نهودهنّ الوارفة أو كشفن عن لحمهنّ المشعّ، في مهرجان الاحتفال باللحم الأنثوي، فالذكورية مشهديّة، قد بدأت في الاندثار شعورا وطاقة.. ولا غرابة فالويل لمن يشتهي في عصر شاهباء - ولم يعد من الممكن القول الويل لمن لم يعد له مات يشتهيه(روسّو)- لا حجّة له في عصر النساء..
حينها وقف "العبد الكوني"متسمّرا في بقعته المعهودة، الا أنه قد تقدّم مقدار خطوتين، فبدى وكأنّه رجل ببعض الدلالات، بل ظهرعليه ملامح من يرغب أن يترشّف قليلا من رضاب شاهبّاء ولو تخيّلا، الا أن الجوقة كشفت أمره بسرعة عجيبة، وتم إحضار آلات تصوير حالته وتدقيق التهمة عليه فعليا، فقد انتبهت الجماعة الى مراميه السيئة ومقاصده الرجولية الخبيثة ..............يتبع
(المنظر الرابع محكمة الشبق) ..في طور الكتابة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى