عدي المختار - في كربلاء صحافة الطفولة تسرق عيون الأطفال عن الألعاب الحربية.. قصة خبريه

لم يفهم الحاج سعد علوان 51 عاما وقوف ولده احمد ذي الــ(7) أعوام أمام مكتب كبير لبيع المجلات والقرطاسية في كربلاء وهو يطيل النظر لمجلة أطفال لم يتبين اسمها له إلا حينما قرر المضي في تعقب نظرات ولده والوقوف لتصفح هذه المجلة التي جذبت طفله من بين كل الالعاب التي كانت تنتشر على طول الرصيف المؤدي إلى قبر الإمام الحسين (عليه السلام ) ,كان ذلك مركز لمبيعات قسم رعاية وتنمية الطفولة في العتبة الحسينية المقدسة وهو مركز متخصص ببيع مجلة ( الحسيني الصغير ) وقرطاسية مدرسية بمفاهيم إسلامية ,الحاج سلمان استدل على كل هذه المعلومات من خلال مدير مركز المبيعات بعد ان تصفح المجلة وأعجب بماجاء فيها وعرف ماكان يجذب طفله الى ذلك المكان حيث المجلة المزركشة بالألوان والصور الكارتونية .


رحلة الألوان والإبهار والمضمون

الحاج سعد وهو يتصفح مع ولده المجلة لم يتوقف عن توجيه الأسئلة لطفله عن ما الذي أعجبه في هذه المجلة؟ ولماذا جذبته ؟وماذا أحب بها ؟فكان الطفل احمد يجيب بكلمات مختصره فحواها ,أحببت ألوانها جميلة ,رسوماتها حلوة,فراح الحاج سلمان يشرح عناوين القصص والمواضيع لطفلة لتكتمل عنده الصورة الذهنية مابين ما ابهره ومابين مافيها من مضامين هذه الرسومات والألوان لقصص وحكم ومواضيع مختلفة تنمي عقل الأطفال وتزيد معلوماتهم وتقرب لهم بشكل حكائي طفولي قصص من كربلاء وتبعدهم عن العاب اللهو الحربية وغيرها التي لا تزيد الطفولة الا ترفيه بعيدا عن العلم والمعرفة .

رحلة في قلب الهدف والمعنى

لم يكتف الحاج سعد بأن يستدل الى ذلك المركز ولتلك المجلة التي سرقت اهتمام طفله بل قاده الفضول الى ان يتعرف على هدف وخطط ومراحل طبع هذه المجلة فقاده مدير مركز المبيعات زهير المياحي الى قسم رعاية وتنمية الطفولة في العتبة الحسينية المقدسة , وكانت أولى اللقاءات مع مدير القسم الصحفي محمد الحسناوي الذي قدم للحاج سلمان شرحاً مفصلاً عن اهداف هذه الجهود في رعاية الطفولة حيث قال :

إن العتبة الحسينية المقدسة عملت ولازالت تعمل على تطوير قابليات شرائح المجتمع المختلفة عبر اقسام وشعب العتبة المختصة بالمرأة والشباب والطفولة ومن خلال دورات وورشات ونشاطات تنهض بهذه الشرائح المجتمعية في شتى مجالات الحياة وكان للطفولة اهتمام خاص من لدن العتبة الحسينية المقدسة وباشراف السيد سعد الدين البناء معاون الامين العام حيث تم تشكيل شعبة لرعاية وتنمية الطفولة ومن ثم تحولت لقسم فيما بعد والتي أخذت على عاتقها وضع خطط وبرامج من اجل احتضان ورعاية الطفولة بالبرامج المختلفة في مجالات (صحافة الأطفال - المسرح - الرسم - الإنشاد ) ,وحققنا الكثير من النشاطات والفعاليات والمهرجانات والمعارض في شتى المجالات والاختصاصات وحققنا جوائز فيها وكانت البداية مع إصدار مجلة (الحسيني الصغير ) وذلك لتنشيط صحافة الأطفال بصورة عامة في العراق والصحافة الإسلامية على وجه التحديد ونالت العديد من الجوائز والتكريمات لما تقدمه من صحافة ترتقي بعقلية الطفل العراقي وتنهض به , ولدينا كوادر مختصة بهذه المجالات ففي مجال صحافة الأطفال والمسرح لدينا كل من الصحفيين والادباء والفنانين ( علاء الباشق - وسام القريني - كرار الخفاجي - ميثم البطران - كرار عبد عوده - ضياء العيداني - زهير المياحي )وفي قسم التصميم والاخراج الفني ( مصطفى السلامي - محمد الهاشمي - مصطفى احمد ) وفي التصوير ( حسين الفتلاوي) وفي الرسوم ( زاهد المرشدي - احمد الخزعلي - عامر لعيبي - غزال محمد - احمد خليل) , كما لدينا كتاب مساهمون في المجلة من داخل العراق وخارجه.
كما عملت الشعبة على تنشيط مسرح الاطفال وقد قدمت العديد من الاعمال المسرحية وشاركت في الكثير من المهرجانات ونالت جوائز حتى تم تأسيس مهرجان الحسيني الصغير لمسرح الطفل والذي نستعد لدورته الثالثة مطلع الشهر المقبل .


الألوان تحيل الأبطال من حروف الى رسوم

لم ينفك الحاج سعد عن تقليب صفحات اعداد مجلة ( الحسيني الصغير ) خلال حديث مدير القسم عنها ,كان اكثر مايتابعه الحاج سعد هو انبهار ولده بالالوان وجمالية الرسوم والتي تسائل عن مدى الدقة في اختيار الالوان وتناسقها ومدى انسجام الرسوم مع القصص ومتن الحكايا والتي اجاب عنها الرسام زاهد المرشد قائلا :
ان الزملاء الرسامين في المجلة لديهم وعي تام بما يرسمون فهم يعيشون مع القصص ومع ابطالها واحداثها روحياً وابداعياً كي يستطيعوا ان يجسدوا الابطال تجسيداً صورياً صحيح والانتقال بهم من ابطال حروف الى ابطال رسوم كل شيء فيهم وبتفاصيلهم مرئي للقاريء وهي مهمة ليست بالسهلة تحتاج من الرسام وعي وابداع ودراية تامة بمايرسم والحمد الله كل الاخوة الرسامين في المجلة على قدر عالٍ من الابداع فهم يرسمون القصص مرئياً وتأتي بعده مرحلة التصميم وكيف يركب الزملاء المصصمون هذه القصص والرسوم في قطعة حكاية جميلة مبهرة وتجذب الطفل .
من جهته قال المصمم مهدي الهاشمي : ان مرحلة تركيب الرسوم على الحروف لجعلها قطعة قصصية او لوحة حكائية هي مهمة غاية في الاهمية وتتطلب من المصمم ان يكون على قدر عالٍ من الوعي بما يختار من الوان واشكال هندسية ورؤية اخراجية يخرج بها الصفحات والحمد الله في المجلة لدينا مصممون بارعون في عملهم .



مسرح اطفال بنهج حسيني

ازدحمت في مخيلة الحاج سعد وهو يستمع الى مدير القسم وهو يشرح له عمل قسم رعاية وتنمية الاطفال في العتبة الحسينية المقدسة الكثير من الاسئلة حول مسرح للاطفال بنهج حسيني وبقي يتسائل في سره هل يعني ان هناك اطفال سيمثلون واقعة الطف التي استشهد بها الامام الحسين بن علي بن ابي طالب ( عليهم السلام ) ؟ وهل عالم الطفل يتحمل قصة الطف بكل مافيها من دموية وقتل ؟ولماذا نزج الطفل بعالم مسرح حسيني ؟كل هذه الاسئلة هربت من فم الحاج سعد لا ارادياً وهو يتسائل عنها بعفوية الا ان الكاتب المسرحي علاء الباشق كان حاضراً واجاب قائلاً:

ان مهرجان الحسيني الصغير لمسرح الطفل هو مهرجان مسرح طفولي وسط الاهمال الذي يعيشه عالم الطفل وتقف في مقدمة اهداف اقامة هذا المهرجان هو تنشيط مسرح الطفل عبر اعمال تعمل على بناء شخصية لطفل وتحصينه دينياً وفكرياً وتربوياً ليكون قادر على مواجهة المستقبل بوعي ونضج وكذلك نؤسس لجيل مسرحي مستقبلي ملتزم نحن بأمس الحاجة له لان الاجيال المسرحية اليوم مسيرة لا مخيرة في تبني الافكار والرؤى المسرحية التي اغلبها تبتعد عن ديننا الحنيف دين العدالة والاعتدال والسماحة ,لذا نحن مهمتنا ان نبين ذلك الدين للجيل ونجعله يفرق بين اسلام الفتى الشجاع الذين نام في فراش الرسول وهو ابن الــــ(13 ) ربيعاً علي بن ابي طالب (ع) وبين اسلام معاوية حفيد الطلقاء الذين دخلوا الاسلام حفاظاً على الارواح .

فيما قال المخرج ميثم البطران : ان الدورتين الاولى والثانية من المهرجان شهدتا مشاركة جميع محافظات العراق باعمال مسرحية اسست لمفهوم المسرح الحسيني الطفولي الذي ينهل من الطف وآل البيت الاطهار (ع) معنى الشجاعة والفضيلة والخلق والفكر النير والدورة الثالثة التي اختتمت مؤخرا حفلت بعروض عربية حضرها الف طفل يومياً على مدى اربعة ايام مما بين تعطش الطفل للمسرح .



اطفالنا يسرقون

كل الاجابات التي كانت يستمع لها بأهتمام الحاج سعد كانت ترافقها صور مرئية في مخيلته للاطفال وهم يحتشدون امام مركز البيع المباشر لمجلة ( الحسيني الصغير ) وامام قاعة المسرح الذي يقدم فيه اعمال للطفل الحسيني الصغير وايضا صور لاطفال يتقاتلون بالالعاب الحربية في الازقة والشوارع ويتجولون في التقاطعات والطرقات العامة بلا رادع ,كلها صور متناقضة كانت تضج في رأس الحاج سعد وهو يخرج مسرعاً من قسم رعاية وتنمية الطفولة في العتبة الحسينية المقدسة عله يحلق بجمع الاطفال من الشوارع والطرقات وياتي بهم الى قسم الطفولة وهو يردد اطفالنا سرقهم العنف وجرفهم الضياع ولابد ان يعودوا لعالمهم.



إحصائيات لابد منها

وتعاني الغالبية العظمى من الاطفال في العراق الذي شهد عدة حروب خلال العقود الاخيرة، بينها الاجتياح الاميركي عام 2003، من نقص في الخدمات بشكل عام، وبينها الحاجة لمستلزمات التعليم والخدمات الصحية ومستلزمات الحياة الاخرى، وقتل 872 طفلا عراقيا واصيب اكثر من 3200 بجروح جراء اعمال عنف وقعت في العراق بين عام 2008 و2010، وفقا لما اعلنه صندوق الامم المتحدة للطفولة “يونيسف” في تقرير استند فيه الى ارقام رسمية.

وتمثل حصيلة الاطفال القتلى خلال الاعوام الثلاثة الماضية حوالى 8،1 بالمئة من مجموع الضحايا الذين قتلوا في ثلاث سنوات،
فيما اكد مدير الرقابة الصحية في وزارة الصحة العراقية علي الساعدي : ان هذه الألعاب الحربية تسبب أضراراً خطرة على عيون الأطفال وتشوه وجوههم وقد أصيب 900 طفل منذ عام 2010 اثناء ممارستهم اللعب.
p_1588lm7bl1.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى