مقتطف مبارك وساط - مقتطف من " وديعــــــــــة".. رواية تتهيأ، بأناة للظهور في كتاب

(...) أمّا تظاهُري بإغلاق الباب فهو للإيهام فقط، إذْ لا ينبغي أن يلحظَ أحدٌ أنّي أتركُه غيرَ مغلقٍ بمفتاح، أيْ قابلاً لأن يُفتح بدفعة من كتف أو بركلة طفيفة، فكّر فارس، وهو يَسمع بداخل رأسه موسيقى خافتة، ما يُشبه أصواتَ أمواج صغيرة، ماضيَةٍ بمرح مكتوم صوب شاطئ ما، جميلٍ ودانٍ! (...)
فيالَحكاية المفتاح هاته، كم تَبدو مضحكة ومزعجة (...)
ثمّ، ما الَّذي لديه في هذا البيت ممّا يُمكن أنْ يخافَ عليه من السّرقة؟ التّلفاز الصّغير، الذي لا يُشَغِّلْه كثيراً؟ إنّه رخيصُ الثّمن حقّاً. الأرائك أو الثلّاجة؟ إنها ثقيلة الوزن ويصعب نقلها إلى خارج البيت على لصّ عاديّ اكتشف بصدفة ما أنّ الباب ليس مُحكَمَ الإغلاق. الكتب؟ ومتى كان اللُّصوص يقرؤون رواياتٍ وشعرًا؟...
مع هذا، يُفكِّر فارس، فهنالك دائما المفاجآت السّيّئة المُمكنة لمن يترك باب بيته غير مغلق بقفل متين، خاصّة في هذه الرُّقْعة الخَلْفيّة من " حيّ المحيط" هذا ( أو لوسيانْ، كما يُسَمّيه الناس في العادة)، حيثُ تبدأ، في ساعات الليل التي يتكاثف فيها الظّلام ويشتدّ حُلْكة، أنشطةُ «شَعْب الليل»، في الأزقّة الضيّقة والزَّوايا، وقد تطال أيضًا، في بعض الأحيان، شارع القاهرة أو شوارع أخرى غيره (...)
نعم، المفاجآت السّيّئة ليستْ مُسْتحيلة، يُفَكّرُ فارس... كأنْ تفتحَ الباب التي لمْ تكن قد أحكمتَ إغلاقه، إذْ تعود ليلاً، فتجد قِطًّا ميّتا قد ألقى به أحدهم قرب سريرك، أوْ تجد مجنونا أو شخصًا ممتلئ البطن والمخّ بالكحول الخالص مستلقيا على السّرير... أمّا إذا كانَ المُسْتَلْقِي ميِّتًا، فتلك داهيةُ الدّواهي... يجب تغيير القفل، وبأسرع ما يُمكن (... )

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى