غدير الرعيني - جـــــــــوع..

بدأت بتناول حلمي ذات خيال لكنه كان شديد الملوحة.. فكرت مليا بطريقة لتخفيف ملوحته وفجأة انبثقت من بين أناملي فكرة متزنة وجادلتني بان البحر حين يجفف يستخلص ملحه.. واقتنعت !!

حينها بدأت البحث عن حبل اعلق عليه حلمي كي يجف ولم أجد سوى حبل أمنياتي فعلقته عليه بجانب كل تلك الأمنيات الشاحبة باهتة الألوان وذهبت لأقضي انشغالات أخرى كانت ما تزال عالقة بتعرجات ذاكرتي. مضت الأيام ونسيت العودة لحلمي_وكم كانت مشكلتي العظمى فلطالما انحرقت معظم طبخاتي وتعرضت للتوبيخ بسبب نسياني المتكرر_ ولكن حين تعالت صرخات الجوع من أعماق أعماق ذلك الجزء المسمى بالمخيخ تذكرته وعدت لحبل الأمنيات و كانت صدمتي مقنعة حين لم أجد شيئا عليه . لا أمنيات ! لا حلم! فقط آثار قليلة لملح مترسب.

بدأت بلوم نفسي بأن نسياني كان السبب ولكن صفعة قوية لعاصفة من التفاصيل الروتينية الصغيرة كادت أن تطيح بي ، تشبثت بالحبل بقوة حينها عرفت أين ذهبت أمنياتي الشاحبة مع حلمي وتلاشى إحساسي بالذنب مع تلك العاصفة .

والآن كيف لي أن اقنع ذلك المخيخ الذي فقد عقله بسبب الجوع أن وجبته قد طارت. بينما أنا مثقلة بالبحث عن حل تسلل خيط رفيع لروائح مشاكسة ومحروقة واحكم قبضته على انفي أيقظني فورا من ذلك الخيال وتأكدت. بان طعام الغداء قد احترق.









اللوحة الناقصة

بتردد خجول.. وأقدام متثاقلة..تقدمت نحو مرآتها علها تناجي ذاتها وترتاح قليلا من ذاك الثقل الذي طغى على تفكيرها.

تقدمت ووقفت أمام المرآة.

ارتعدت خوفا وعادت بضع خطوات مسرعة إلى الخلف دونما شعور حتى ارتطم ظهرها بالجدار.

عبراتها مخنوقة وتصرخ كمن فجعت بعزيز عليها:

لست أنا.

من هذه ؟ من هي؟

تقدمت قليلا وهي تحاول استرجاع بعض ملامحها.

تتساءل:

لمن هذا الوجه ولماذا يصر على الالتصاق بي!

ملامح امرأة في الأربعينات أو أكثر أي ما يعادل ضعف عمري تقريبا.

منذ متى صرت هذه العجوز ؟

تتردد تلك الأسئلة على شفتيها دون توقف ..كان صوتها خافتا ثم ما لبث أن أصبح أعلى, وبشكل هستيري مترافقا مع محاولتها اقتلاع ذلك الوجه بوحشية.

من أنت ؟ ابتعدي. أريد أن أرى وجهي ! وجهي أنا!

بعد ثوان تغيرت الملامح قليلا, لكن إلى الأسوأ. خيوط دماء تسللت عبر تجاويف تلك التجاعيد فأصبحت كلوحه مشوهة تبرأ منها رسامها بعد أن يأس من إصلاحها.

بعد عدة محاولات مستميتة لاسترجاع ملامحها أو بالأصح (أصلاح لوحتها).

بأناملها الرقيقة داعبت شفرة سكينها. رجعت إلى المرآة وابتسمت ابتسامة مجنونة كمن انتصر في معركة بعد يأس وبدأت تقتلعه.

بدمائها غسلت وجهها الجديد . لكنها لم تستطع النظر إليه. حاولت التماسك والوقوف لكن دون جدوى.

كل شيء حولها كان مصبوغا بلونها المفضل لون الحب الذي لوعها, لون الحياة.

بينما هي تفارق الحياة.

مرمية على الأرض وعينيها معلقة بالسقف؛ مُرعبة لمن يراها لكن بداخلها ارتسمت أجمل ابتسامة رضا لإكمال خطوط لوحتها الناقصة.

9/1/2012

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى