مقتطف مزمل الباقر - نصف ساعة فقط!!*

تجاوزت ساعة يد علي الطاهر العاشرة بدقيقتين من صباح السبت 14 مارس 2020 عندما إتكأ البص على جانب الطريق قبالة إحدى المطاعم الذي يجاور سوبرماركت ودورات مياة عامة وماكينتيّ مشروبات ساخنة وأخرى للمشروبات الغازية والمياة المعدنية٠ وكان سائق البص في إنتظار الركاب عند باب البص في الطابق السفلي ليخبرهم أن فترة الإفطار هي نصف ساعة فقط.

هي: بابا أريد آيسكريم!!!
هو(ناظراً للسوبرماركت وإليها) :حسناً يا حلوتي!!
الأم: لا تحضر لها شيئاً مثلجاً سوف تصاب بألم في حلقها وترتفع حرارتها!!
هو: أممم..
هي(باكية) : لا يا ماما.. أريد آيسكريم!!!
الأم: لا لا لن تحصلي على أي شئ مثلج.. يمكنك أن تشربي عصير برتقال لأنه صحي ومغذٍ أكثر من الآيسكريم!
هي(باكية ) : أرجوك يا ماما.. بابا قل شيئاً
الأب(مبتسماً) : حسناً دعيني يا كاثرين أحضر لسوزي حجماً صغيراً.
كاثرين(منزعجة) : بيتر.!! لا ليس هذه المرة أيضاً!
بيتر(ضاحكاً) : سوف أحضر لك أيضاً كما فعلت في المرة السابقة!!

ها قد كان دورك للدخول على دورة المياة وخلفك عدد من الرجال والصبية في ذلك الطابور الطويل ينتظرون دورهم مثلك لذلك لم يكن بإمكانك أن تسمع رد كاثرين على حديث بيتر.

٢


تبقت ثلاث دقائق للمهلة التي حددها سائق البص عندما خرج على الطاهر من دورة المياة فإتجه إلى ماكينة المشروبات الساخنة ودفع بالنقود في التجويف المخصص لذلك وبعد ثلاث ثواني كان قد أمسك بالكوب الورقي بيسراه في حين إنشغلت يمناه بتناول ثلاثين سنتاً إنزلقت في تجويف آخر ذي غطاء بلاستيكيٍ شفاف هي قيمة ما تبقى له من تلك المبايعة الآلية.

عندما إحتسى أول جرعة من الكاكاو، تناهى إلى سمع على الطاهر غناء جميل لطفلة أمسكت بملعقة خشبية صغيرة كمايكرفوون وبين ساقيها الصغيرين يجلس كأس صغير يحوى آيسكريم وقد توسطت سوزي كل من بيتر وكاثرين وقد شاركاها تناول الآيسكريم وإن بدا كأسيهما بحجم أكبر.

اتسعت إبتسامة على الطاهر لذلك المشهد وكان كوب الكاكاو في طريقه لفمه عندما نادى عليه سائق البص

السائق : انت، انت.. أكمل ما تحتسي سريعاً إذا سمحت.. لقد إنتهت فترة الراحة

على الطاهر : لا عليك.. يمكنني أن أكمل شربي داخل البص!!

السائق : لا.. ممنوع الشرب داخل البص.. فقط يمكنك شرب الماء داخله
على الطاهر : حسناً حسناً.. تبقى القليل في الكوب، سوف أشربه حالاً

وعندما رفع على الطاهر الكوب ليكمل شربه، وقد نظر بتلقائية إلى البص تلاقت عيناه مع أعين ممتعضة لبعض ركاب البص فأخذ جرعة كبيرة ساخنة قبل أن يلقى بالكوب الفارغ داخل الأسطوانة المعدنية التي خصصت لحفظ النفايات وإرتقى للطابق العلوي من البص حيث مقعده وقد شعر بنيران إشتعلت في سقف حلقه.


مزمل الباقر
كوالالمبور في 30 مايو 2020م

*قصاصات من روايتي الجديدة:
جالن إمبي : رحلة المدن الفاتنة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى