فوزية العلوي - في مديح تاكفاريناس.. شعر

ما زال تكفاريناس ينهض قبل الفجر
ومازال يمشي مع الغيم إلى السفح
ومازال في جذل الصبيان
يجمع الكمأ والتوت الحامض
ويعلّم بقرن الغزال على الصخر
السنوات التي مرت بلا طوفان
وبلا أغنية من طفلة التلة الغربية
ذات الطواقير الفضية
والوجه المصهور بجمر الكشريد
سنوات مرّت بلا رعد وبلا ماء
والشجر يرابط كالغيلان الجائعة
يستقطر ما يكتنزه الليل من رطوبة الصخر
وماء الوعول إذ تزغرد في أوصالها الرغبات لتكفاريناس
صحابة من الثعالب والذئاب الوفية
له حراس من السباع وبنات آوى
وطير العّمير
وله إذا نام
طيف الغزالة التي لم تعد
من يوم القبلة الأولى
لظبية تكفاريناس جديلة بلون القمح
قوام كغناء الريح
رداء كالشفق المحموم
معاصم بلون الشوق
ووجه بهي كثورة الجياع
ولها إذا نام كنفس الصنوبر
يتردد على محيّاه
تكفاريناس يحرس الجبل من الغيلان
ويدعو السباع إلى الوقوف على القمة
والطيور إلى رصد أحلام الغزاة..
. تكفاريناس
يكره أن يجمع الأخرون السنابل من حقله
وبقصون شجر البلوط
لصنع المراكب
ويستقطرون دم النحل المعرش في الكهوف
ويعلّمون على التلات أسماء أولادهم
وعلى المنحدرات يخطون السدود والسواجير لتكفاريناس
جرح غائر في جبينه
يخفيه بسنبلة من شعره
ومحرمة حمراء
كانت تركتها ظبية الوادي
وله في ظهره ما يشبه الندوب
لكنه أبدا يسبق الفجر إلى التلة
ويصحب الغيم إلى السفح
الرعاة يحيونه عن بعد
ويخافون أن يقتربوا منه
يقفون على قبره كلّ ربيع
يوشّون تربته بالحصى الرمادي
وقواقع الجبل
ويضعون قبضات من الحلفاء والضرو
وأم الزوكشة
على رمسه
ويخطون علامات وعلامات
السّباع والثعالب والذئاب أيضا
تأتي لتعوي عن الليل وتربض غير بعيد
تحرسه من البرد
لكن تاكفاريناس ينهض دائماعند الفجر
ليتفقّد الجبل ويطرد الغرباء
وينتظر الضبية التي بلون القمح
والرعد الذي سيغسل الصخور
من آثار الغزاة

فوزية العلوي
  • Like
التفاعلات: جوهر فتّاحي

تعليقات

أعلى