رحاب الهندي - حكايا حب معاصرة


تجولت شهرزاد في أروقة الناس، ودخلت إلى أبوابهم السرية، وجلست إليهم في لحظات بوح صافية صريحة، وبلا رتوش ولا ألغاز، سمعت لهم، ونقلت قصص حبهم العصري جداً... وهذه بعض منها:


التقيا عبر نافذة الحاسوب، اهتزت المشاعر، تدفقت الكلمات، رفرف الحب، تواعدا على أن يكونا واحداً.
ارتبطت حياتهما بأيقونة مضيئة تسبح في فضاء تحقيق أمنياتهما؛ ولو عن بعد...
قال لها: أحبك
أجابته: أحبك
وكانت نافذة الدردشة عبر الحاسوب، شاهداً على حب عصري مختلف عن قصص الحب، فاللقاء عن بعد لم يمنع سريان المشاعر كالدم في الشرايين... اعترفا ببوح داخلي عن الماضي، وحلم بمستقبل عجائبي.
اختلفا... تصالحا، وعادا لبث الشوق وكلمات الحب.
في لحظة بوح واستذكار الماضي قال لها: كانت حبيبتي... غضبت، صرخت، رفضت كلمة "حبيبتي" بحجة إن الكلمة من حقها فقط، ولها مشروعية الغيرة حتى من ماضيه...
أغلق النافذة غضباً، قال وداعاً، وانهارت باكية.

وقف حائراً بين إحساسه بالحب، والخوف من الوقوع فيه...
ابتعد متردداً، اقترب، ثم أخيراً اعترف، توهجت وجنتاها وهي تهمس ضاحكة: أخيراً اعترفت لي.. أنا أيضاً أحبك.
سارا في طريق الحب خطوة خطوة، تعاهدا على ألا يفترقا، لكنه فجأة اكتشف إن طبائعهما مختلفة. فهي تحب ما لا يحبه، عصبية، عنيدة، صاخبة، وهو أكثر تسامحاً وأكثر هدوءاً... كيف له أن يعاشر إمرأة مثلها، ويعيش حياته القادمة.
افترقا.. عاش الكآبة والحيرة، تلفت حوله، اكتشف وجود إمرأة ثانية قريبة منه، أحس تجاهها بالحب، وكان خائفاً، لكنه اعترف، واعترفت.. تقابلا، تناقشا، اكتشف أنها مغرورة تبحث عن مصالحها... توقف، أعلن عصيانه على الحب، وعاث فساداً بين النساء!

معاً التقيا تحت سماء نقاش يبدو بالنسبة إليهما متآلفاً متفقاً. وهذا ما جمعهما في طريق الحب، فسارا فرحين، وكانت الأحلام رصيداً يجمعانه للأيام المقبلة، يستندان إليها لبناء مستقبل لهما.
قال لها: أريدك زوجة للبيت والأولاد.
أجابته: وعملي.
ضحك وهو يضمها: سأكون أنا والبيت والأولاد؛ عملك الذي لا ينتهي.
انتفضت غضباً، أعلنت احتجاجها بقولها: أحب عملي جداً.
سألها ممازحاً: أكثر مني.
بلا مزاج أجابته: هناك فرق، أحبك رجل أحلامي. لكني أحب عملي أيضاً، فهو جزء مني.
صرخ غضباً: لا تعاندي، أريدك زوجة وربة بيت فقط.
واجهته بنفس الصراخ هائجة، وأنا أريدكما معاً، أنت وعملي.
أعلن غضبه، لا يعجبني هذا الموقف.
صفقت باب علاقتهما.. وغادرت نهائياً!

حين شهق متعة الانتهاء من حالة اللقاء، استرخى وهو يضمها لصدره مبتسماً، قائلاً بحنو: أنتِ أكثر من رائعة
اختفت في صدره صامتة، وحين أحس بدموعها، شربها بشفتيه متسائلاً: لم كل هذا البكاء، ألستِ سعيدة معي؟
ابتسمت بألم متسائلة: سعيدة؟! وأنا أغرق معك في بحر الخطيئة؟!
انفجر غاضباً: هل نعيد الحديث كل مرة بهذا الموضوع؟
أجهشت بالبكاء هامسة: أنت لا تشعر بعذابي.
إستمر غضبه: وأنتِ لا تقدرين ظروفي.
تركها واتجه للحمام ليغتسل، وحين عاد وجدها قد غادرت... وبقايا دموعها على الوسادة!

هو كاتب مشهور بمقالاته التي تنادي بتحرر المرأة، وأحقيتها بالوقوف جانب الرجل، لا وراءه. وحين يسأله المقربون: لم لا تتزوج؟
يضحك ساخراً: أعطوني إمرأة تفهم لأتزوجها!
ورغم مواقفه الخفية للبعض، كانت صورته الزاهية تجذب النساء، فيقتربن إليه، وكثيرات وصلن إلى سريره لمرة أو اثنتين ثم غادرهن بحجة إن الجسد لقاء ثانوي ووقتي ليس إلا.
في غفلة من زمانه التقاها، إمرأة مختلفة بإيمانها بمعنى التحرر الحقيقي، لا شعارات الزيف... سأل نفسه: معقول أن أجد مثل هذه المرأة الرائعة؟
شدته بثقافتها وأخلاقها وتصرفاتها، اعترف من داخله أنه أحبها وبجرأته طلبها للسرير، فطلبته للزواج، وحين وافق، وكتشفت حقيقته... تركته بعقلها غير آسفة!.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى