شيرين حسن يوسف - البوابة.. قصة قصيرة

رغم ثقل الوجع في قلبي والألم في ذراعي لم أستطع تفادي النظر المتوتر إلى الشمس وهي تجاهد كي لا تغوص كليا ً في بحر الليل، توترت كثيراً حتي الآن لم أتمكن من دفن قطتي النائمة في قاع الحقيبة الكبيرة الفاخرة التي لفتت للتو إنتباة طفل شبه عاري يتمدد بجوار الرصيف ليشير إلى بيده النحيلة المتسخة :أعطني طعاما ً مما تحملين .
إعتذرت له : هذا ليس طعاما ً إنها قطتي الميتة؟
يعاود نومه مرة أخرى بينما تعرقلت ساقي بحجر كبير إخترع منه صغار الحي مرما لكرة متهالكة تتناوبها أقدامهم الحافية ليصيح أكبرهم سنا ً:ولماذا لا نأكلها ؟
يزجره إمام المسجد القريب بطرف عصاه الأبانوسية متفادياً أن يلمس طرف جلبابه الفاخر جسد الصبي: حرام ... حرام أكل القطط ..إتقوا الله !
الأمور التي ليست على مايرام تصيب كل محاولاتي لإيجاد موضع يليق بقطتي الميتة حتى جامع القمامة رفض مساعدتي في نبش قطعة من الأرض لدفنها فهو يخشي القطط التي تتحول ليلا ً إلى عفاريت !
مجموعة من الكلاب الضآله هاجمتني بشكل مخيف مما جعلني أعدو مبتعدة بالقرب من الكنيسة القديمة مما أثار ريبة الحارس الذي وجه بندقيته نحوي محاولا ً إيقافي دون جدوى ودوى صوت الرصاصة في المكان وبدأت رأسي تنزف...
تحركت قطتي بشكل مرح داخل الحقيبة مما أدهشني كثيرا ً واحتضنتها باكية بينما هي أغمضت عينيها إمتنانا ًوسارت إلى جواري برشاقتها المعتادة لمسافة طويلة ثم اختفت، عبرت البوابة الرخامية كانت رائحة الريحان تغمر المكان حولي وأنهار من عسل مصفى تقطع الطريق المخملي بين تلك الوجوه النورانية التي تقابلني بالسلام، حتى الدم المسال من جمجمتي يحمل رائحة عطرية غريبة وسخونة معتدلة، رأيت أبي وجدي وجدتي يتناولون طعامهم سعداء بما أتاهم الله فجلست معهم، رأيت كل من رحلوا منذ زمن حتى عصافيري التي ماتت في العام الماضي !

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى