فوزية العلوي - هل راقصتـني الخيـل ليـلتها؟.. شعر

كنت ترافق وحدتي هذا المساءْ
وتؤجل الترحال عن كبدي
وتطيل في عمر الرجاءْ
ماذا يضير النجم لو هدهدتني
ومددت في عمر الضياء دقيقة
ماذا يضير الماءْ
لو أن غزلان الفلاة تباطأتْ عند الغديرْ
وتمشّطتْ بقرونها
لو أنها من فرط غلتها
لعقت دلاء العابرينْ؟
ماذا يضير الظلْ لو باغتـني
وشددتني ونثرت أوصالي على نُسر الخلاءْ؟
ماذا يضير الحلم لو ودّعتني
ووضعتني قبل المتاريس الأخيرة
ومددتني بالمستطاع من البكاءْ
وشددت خاصرتي
كي لايغور الجرح
ونثرت في كفي ألوان المساءْ؟
أو لم تُهرّبْ من عقالك مزقة
أو لم تقلْ إن النساء نسجنه
من لون أشفاق السماء؟
أو لم تقل إن البطاحْ
قد أورثتك رداءها
فلماذا لا يقوى العقال على دمي
فيسحّ كالشلاّل مضطربا
ولماذا تخذلني الرياح ؟ْ
فلتأتني بالكوز ممتلئاإذنْ
لأعُبّ من هذا القراحْ؟
لا,لا تقل نضب السحاب
أو لم تمرّ بدجلة هذا الصباحْ
ولنفترض أن المياه شحيحة
فلماذا لم تترع دلاءك بالأقاحْ؟
لا,لا تقل عشتار ماتت
والسائرون وراءها
ملؤوا الرصافة بالنعيبْ
والماء غارْ
لا, لا تقل إن التتارْ
وقفوا على كل السدود ْ
وتصايحوا طربا
لا, لا تقل إن الغبارْ
قد سد فــي عينيك أبواب السماءْ
فتشابهت كـل الدروبْ
وشردت خلف النعش يحدوك الشمالْ
فإذا الشمال يعيد خطوك إلى الجنوبْ
***
هذا التتار حكايــة أخــرى
فلتُعفني هذا المساء من الحكاية
ولتقتربْ
لاشيء مثل الحب يقتلنا
ليعيدنا للحب ثانية
ويحطنا بين الخرافة والعجبْ
لا شيء غير القلب يُدنينا ويُبعدنا
لا شيء غير حسيسه
يهب الحقيقة والكـذبْ
فلماذا لم تأت الجياد إلى هنا
وتظل في قلق إلينا
ولماذا فوق ظهورها
لا تعتريك الريح ولا تخبْ
ولم أناديك فيأخذك الصدى
ولماذا تنأى عن يدي
شأن الحكاية في الكتب ؟
أو لم تعدني أن نسافر هكذا
شرقا إذا شئنا ومغرّبين إذا شاء الرفاقْ
ووعدتني بالدرّة البيضاء احملها
وهنا على عنقي
ووعدت قلبي بالعـراقْ
فلماذا أدنيك فيأخذك الردى
ولم المدى متواسعٌ
ولماذا صوتي ليس يشبهني
ولماذاحلمي قد تبدد في المآق؟
من ذا يؤانس وحدتي
والبدرُ في بغداد آذن باحتراق
من ذا يهيّلُ قهوتي
ويدقّ بالمهباش
ويردني كالماء فاطمة
ويزيد في عمر الفراش؟
من ذا يحط الجمر في شفتي
ويراقص النجم على شوباش؟
“شـــوباشُ يا شـــوباش”
هل راقصتـني الخيل لــيلــتها
أم داسني ثورٌ مغولي وخارْ
هل باغتتك الروم لا أدري
وهل سقط على دمه الجدارْ؟
كانت قناديل السماءطليقة
كان الصغارْ
يتناوبون على الاقمار راقصة
“كنا وكان لنا فيما مضى وطن ودار”
***
كانت لنا سفنٌ
وتجيئنا سحب من الاشواقْ
كانت طيور الأرض تألفنا
وتزقها الافلاك في الآفاقْ
كنا نعلق وردنا في غيمنا
ونوشحُ الاعناقْ
ماسا وياقوتا
وزبرجدا من قلب بابلْ
كانت طيور الجن تمطرنا
لوزا وعنّابا
كانت تغازلنا البلابلْ
واليوم يا كبدي
سكر الباغون فوق معبدنا
ورموْا على أهلتنا القنابلْ
***
هل لي بخابية أعب نجيعها
هل لي بمحرقة تثعيد لي المشاعلْ
هل لي بكاهنة تبدّد غربتي
وتحطُ أشعاري على عبق الجدائلْ
هل لي بمن يمضي على كفني
ويمد أوصالي على عرق الأصائلْ
هل لي بمن يلملم ُجثتي
ويرشها طلعا على ألق المناجلْ
هل لي ببعض الرمس في بلدي
لأنام مرتاحا إلى أجل
هل لي بأمي وهي تخزن في يدي
قمحا لعودتنا
هل لي بأختي وهي تهمس في دمي
لا تنس مهرتنا
هل لي بصوتك يا ابي يأتي على مهل
هل لي ببعض الماءْ
صاد انا والنار في كبدي
والنخلُ منفطرٌ
والعابرون…لم يتركوا قرطا لعائشة
ولا العباءة ألقوها على جسدي
والطلّ عند الفجرأنهكني
وصياح ذاك الديكْ،
وصليلُ أقدام الغزاة وقد أتوْا
والضوءُ في الميدان أربكني
لا ميّتٌ فأقيم طقسا للعزاءْ
ولا حياهْ حتى ابارك للطيور عبورها
وأبو نواس مازال كالنبراس
منتظراأن يغرقوهُ مُدامة
لا الليلُ أغبقهُ حتى يراقصُ كوكبا
أو قينة منحتْ صباحها كي يفيقْ
وأنا الغريقْ
ما بين نهرين تواطئا
كــيْ لا يؤبننـي صديقْ…


فوزية العلوي



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى