سماء الصباحي - أحلام

لا أدري ما الذي جعلني أتذكرها الآن…أهي الأوراق القديمة التي بين يدي؟ التي تحتوي على الكثير من الذكريات .. ذكرياتنا معاً. أم هي صورتنا المعلقة على الجدار والتي لم التفت إليها مع زحمة الحياة إلا الآن!! أم كلاهما معاً!!

اليوم فقط وصلتني صورتها مع أولادها الأربعة… صديقتي التي تعرّفت عليها مع انتقالي إلى المدرسة الجديدة، مَن استطاعت بأسلوبها وتفكيرها أن تصل إلى قلبي وعقلي في قترة قصيرة جداً. كانت لكل منا أفكارها وأحلامها، لكن الشيء الذي جمعنا هو التفاؤل وحبنا للحياة.

ومقارنة مع أحلامها كانت أحلامي أنا بسيطة جداً تتلخص في تكوين المملكة التي سأتوج عليها لأصنع الجيل الذي أحب وأتمنى.

ومع أحلامها التي تصل إلى أرفع درجات العلم وأرقاه، إلى المراكز المرموقة التي سوف تحتلها في يوم من الأيام.

نهضت بتكاسل واتجهت الى المرآة، ولم أكد أفعل حتى ابتسمت بمرارة ..عشرون عاماً مضت على أيام الدراسة وعلى الأحلام ..عشرون عاما!

أحبّت كل منا الأخرى بصدق وبكل مشاعرها، وتعاهدنا على أن نكون مثالاً للصداقة والوفاء.

ثم جاءت الأحداث التي لم نكن نتوقعها .. بعد أن أتمننا امتحانات الثانوية العامة تماماً.. جاء العريس..لا.. لم يكن لي وإنما لها هي، كان عريساً جاهزاً من كل شيء، وكان من الطبيعي أن يوافق والدها على الفور حتى دون استشارتها ..كيف لا؟! وهن خمس فتيات همّهن ثقيل على والد مثل والدها.

وفي يوم مظلم تبخرت الأحلام وحلت الأحزان محلها ..لكنها ابتسمت أخيراً وقالت لي:

لا مفر مما أنا فيه ..والدي عنيد ولن يستمع لي مهما حاولت..

قلت بانفعال:

وأحلامك؟!
عن أي أحلام تتحدثين .. كل شيء انتهى بالنسبة لي.
لم أعهدك هكذا يا (ريم)، والتفاؤل هل نسيتينه؟!
أنت التفاؤل الآن يا (حنان).

بتعجب قلت:

-أنا ؟!

أجابت بثقة:

نعم ..أنت ..ألم نتعاهد على أن نكون مثالاً للصداقة يحتذي به؟
وما علاقة هذا بما أنت مُقدمة عليه؟

أجابت:

أبي قد وافق وأنا لا استطيع مخالفة أوامره وإن رغبت.. فهذا والدي وعليّ حق الطاعة له.
وأحلامك وطموحاتك؟ هل تخليت عنها يا (ريم) ؟
هنا يأتي دورك.
كيف؟

وضعت يدها على كتفي:

عديني يا (حنان) إن لم استطع تحقيق حلمي أن تحققيه أنت ، وأنا بدوري سأسعى جاهدة لتحقيق حلمك.

كانت فكرة غريبة والغريب أنني لم أتعجب لعبارتها كما أنا الآن!

كان يوم زفافها هو آخر يوم أشاهدها فيه، فقد سافرت مع زوجها إلى إحدى الدول العربية ولم يتبق من صداقتنا سوى الرسائل التي نتبادلها وعهدنا الذي قطعناه على أنفسنا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى