محمد صابر - أحلام السادسة مساءً

فى منزل أبى


رأيتنى تائهًا بعالم رمادي، تختلط به أشكال المبانى ببعضها البعض، و كأنى بمصر و لكن الشوارع تشبه أكثر شوارع الخليج الواسعة الحارة جدًا

ثم رأيتنى داخل منزل ابى رحمة الله عليه و لكنه أكثر رحابة، مازالت الأجواء رمادية و الألوان باهتة، هؤلاء عمالى الذين يعملون تحت إدارتى يصعدون و ينزلون من على سلَم بيتنا، إرتبك بعضهم عندما رأونى و دلفوا معى إلى غرفة المعيشة و التى بها شرفة تطل على جيراننا الأقباط، كانوا جميعًا يقفون بالشرفة من مات منهم و أخر الأحفاد، لا أعلم من أين جاء صوت الموسيقى، ربما هو بائع البوظة الذى كنا ننتظره و نحنصغار ، و لكنى وجدتهم يرقصون فأشرت للعمال بأن ينظروا بإتجاه شرفة جيراننا و سمحت لهم بالرقص.

يعود بي المشهد مرة أخرى إلى السُلَم و أشاهد العمال و هم يصعدون و ينزلون إثنان إثنان يغنون و يتراقصون و لكنى نهرتهم قائلًا
من لن يلتزم منكم ليس له عملاً عندى
ثم دلفت للغرفة ذات الشرفة المطلة على جيراننا، وبدأت بعمل تدريبات رياضية مع من تبقى من العمال، ثم جاء أبى المتوفىٰ منذ ثلاثة عشرعامًا، كهلًا كما رأيته أخر مرة، يرتدى ملابسه الداخلية البيضاء كما رأيته أخر مرة، لا يتحدث كما رأيته أخر مرة، إقتربت منه لأحتضنه فلقدإشتقت إليه كثيرًا، إشتقت لرائحته، كان وجههُ نصفان نصف حي و نصف ميت متحلل يخرج من أنفه و فمه السوائل اللزجة، و بالرغم منصوت أمى التى لا أعلم من أين جائت، و التى كانت تمنعنى من أن أحتضنه قائلةً
لا يا محمد
بس يا محمد
إحتضنته و قبلته كثيرًا، أحسست حرارة جسده و أشتممت رائحته و أنهرت بكاءً كالأطفال و أنا بين ذراعيه، و لكنه لم ينطق كأخر مرة رأيتهفيها، على منضدة الغسل

ثم أفقت
#khwater_saber

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى