سـركون بـولـص - أسـطورة السـيّاب والــغِرْيَـن..

عرَفَ السـيّابُ منذ الـبداية
أنّ الأشـياء الـتي يـمكن أن نـحبّـها، قـليلة
وجـهٌ
يُــشرق مثلَ رغـيفٍ
مِـن تحت الأطـمار في مَـهْده الـصغير
بـضعُ نـساءٍ لـهنّ حـنانُ الـمرضعاتِ
فـي الأساطـير، وقـبضةٌ من الغِرْيَـن البليل كـذاكرة
الـطُوفان ظلّـت تـلاحـقهُ
من شـقوق ذكـراهُ
والـنوافذ التي رآها
وانفتحت له في الطفولة، غنّى لهـا، غنّـى
غنّى لها حتـى فـي حريـق انتظارهِ
على أسرّة المستشفياتِ
البعـيدة عـن مـاءِ
العراق، وتـوسّل من أجلـها حتّـى
حتّى إلـى طين السـواقي…
عرَفَ السـيّابُ منذ الـبداية
أنّ الـقَدَمَ الـحافية لــن تسيرَ إلاّ
إلى مـعتقلٍ أو مـقتلةٍ، والفقْرَ هو الشـيطان
طالما كان هذا العالـم في بؤسـه وبهائـه
مـأدُبةً لـلآخرينَ
تُـقامُ باسـمنا في كلّ مـكانٍ
لـيسطو علـيها البرابرة، والغـدُ غـابةً
لا تـورقُ إلا علـى صيحات ذئـابها
وكـان كلّما كـتب قـصيدة
هـبط المستشفى
إلى الـهاوية..
حتّـى إذا أتاهُ
الليلُ الـخَدومُ بـهالة الأبـديّة
وتعـرّى الموتُ لـهُ
كراقصةٍ بلا وجـهٍ فـي حانـةِ الـتراب الأخيرة
دارت جَيْكورُ في نـهر دمـائه بـطينها وأفـيائـها مـرّةً أخرى
ورأى اللـهَ يـستريحُ
فـي قـاع بُوَيب.

سركون بولص
*من ديوان الأوّل والتّالي


L’image contient peut-être : 2 personnes
أعلى