عزة رياض - عتاب.. قصة قصيرة

حين دقت ساعة الحائط معلنة عن موعد الاجتماع الأسبوعي لإزاحة الأتربة؛ بدا الأثاث متربصا لبعضه: من يبدأ الكلام أولا؟

فزعت غرفة المعيشة حين أصرت غرفة الطعام على البدء؛ فما عادت تحتمل.. تريد أن تفشي بمعانتها طيلة عشرة أعوام.

احتدم الموقف بينهما حتى تدخلت حجرة الضيوف وحسمت الموقف لصالحها باعتبارها أول من يستقبل رواد هذا البيت وتحملت الكثير والكثير من المعاناة، واتفقت بقية الغرف على عمل قرعة باسم كل غرفة ويتم سحبها لمعرفة من التالي ثم من يليه..

أذن غرفة الضيوف أولا بالانتخاب، تليها غرفة الطعام، تليها المعيشة، أما غرف النوم فكانت آخر القائمة..

استهلت حجرة الضيوف حديثها بكلمات مفعمة بالحزن قائلة: «لم أكن أبدا جزءا من هذا المنزل، لم أنعم بدفء العائلة مثلكن.. كنت دوما مقرا لراحة الغرباء مثل مقاعد الانتظار على محطات الحافلات وما إن انقطع الزائرون صرت مجرد ديكور يُنظف مرة واحدة في الأسبوع ،ربما زاره أحد لكن ما يحدث أن يوصد بابي ولا يدهس بساطي سوى )الست بدرية( التي تأتي ومعها صوت كالبلدوزر لشفط الأتربة! كم أتمنى أن أباع ولو بثمن زهيد أو يعاد تشكيلي فأصبح عدة مقاعد لمقهى شعبي..» تبادلت الحجرات نظرات شفقة عليها ،لكن كلا منهن تحزن بشكل أكثر على حالها. وجاء دور غرفة الطعام ،حركت مقاعدها بعيدا عن الطاولة لتريهم ما ألم بأقدام أبنائها حين تهاون الجالسون في حقوقهم وتركوا صغارهم يتأرجحون فوقها كأنهم بأحد الملاهي لا مبالين بالألم الذي تشعر به صغارها وأكملوه بترك بقايا الطعام فوق سطحها حت صارت مسطح قمامة بين الوجبات!! تصمت حجرة الطعام وتعطى الكلمة لحجرة المعيشة تبدأ حديثها بكلمة: «أعرف أنني محسودة بينكن لأن الأنس الذي تحلم به حجرة الضيوف لا أفرغ منه أبدا والعناية والرفق اللتان تتمناهما حجرة الطعام أحظى بهما.. لكن هل سألتن أنفسكن على معانتي من حجم الصخب والضوضاء والحكايات الفرحة والحزينة التي تدور داخلي وعن استخدامي المستمر طيلة الوقت؟ وكم هذا مهلك؟ كنت أتمنى أن أنعم بوقت للراحة.. لقد هبطت حشوات وسائدي وصرت مشوهة بينكن ولا أمل في علاجي حتى لو تم سأعود إلى تلك الحالة مرة أخرى وأخرى.. تصمت غرفة المعيشة مـتأثرة وتنظر إلى حجرة النوم بما يعنى أن تبدأ دورها للحديث. أزاحت غطاءها وقالت جملتين:

«أنا مقبرة يهرب موتاها منها كل صباح»..



* القصة من المجموعة القصصية أشخاص قد تعرفهم



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى