محمد السعيد جمعة - قريتنا الصغيرة العالم.. قصة قصيرة

عندما انشقت الأرض الصخرية المجاورة للترعة خرج من باطنها مارد عتي أحدّث ضجة اهتزت لها كل الأرجاء وانتفض شياطين الجن ومكرة العفاريت مهرولين ؛ فكان سكان قريتنا من أصحاب العيون الزرقاء ومن أصحاب البشرة السمراء إن تجولوا في الشوارع مستهم شياطين الجن ، وإن نسي أحدهم ومرّ بالقرب من الأرض الصخرية المُنشَقة صرعه المارد العتي ، وانتشرت الأحاديث والحكايات عن أعداد من الصرعى والمجانين ؛ فهجر الناس المزارع والأسواق وأُغلـقت الدكاكين وأماكن العبادة ، وجلس الخائفون خلف الأبواب والنوافذ يسترقون السمع : كلمة هنا ، حادثة هناك ، وحمل الهواء إليهم أنفاس مردة الشياطين المسمومة ؛ فترى الرجل منهم يسقط مغشياً عليه ولا يجرؤ أحد على الاقتراب!
وعندما خيم الرعب بظلامه المُغطَى برائحة الموت اختفى المساكين خلف الجدران ، وصار الموتى يعرفون طريقهم إلى المقابر جثامين جثامين...
وبينما كان ذوو العيون الزرقاء وأصحاب البشرة البيضاء والسمراء في قريتنا الصغيرة على هذا الحال ، كانت صبية جميلة تسأل أمها عن لون عيني أبيها الغائب منذ سنوات ..! ، وهناك على ناصية الحارة عند أكوام القمامة أمرأة شاحبة الوجه تعبث بيديها يميناً ويساراً ..." لعلها كانت تبحث عن طعام"!


- محمد السعيد جمعة
- الخميس ٩ أبريل ٢٠٢٠ الحادية عشرة مساءً .



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى