إسلام سلامة - صعود.. شعر

إلىٰ "محمود درويش" .. في ذكرىٰ وفاتِه (٩/ ٨/ ٢٠٠٨)


أراكَ تخلَّصْتَ من عُقدةِ الذنْبِ؛
ما عُدْتَ تُسألُ في كلِّ وقتٍ:
(لماذا تركتَ الحصانَ وحيدًا؟)،
وصرتَ خفيفًا،
وطِرتَ إلىٰ:
ما حيثُ تَعْرِفُ،
مَنْ سيسألُكَ النشيد.
أراكٌ ستلقَىٰ
"أناكَ" تُردِّدُ
بين الـ"مُرِيديكَ":
(انتظرها).
أعدَّتْ سرِيرَك، عسلاً مُصفَّىٰ، وكأسَ نبيذٍ،
مجازَكَ في الريحِ، عطرًا وحُبًّا،
ونَقشَتْ كما الوشمُ ديوانَ شِعْرِكَ
فوقَ القيامةِ كيما تحرِّرُ
باللوزِ ،
باسمِكَ،
باصطيادِ الحُلمِ عندَ الضَفَّةِ الأُخرىٰ لبحرِ المُتعَبينَ
غيابَها.
فرِحَتْ لأنَّ مواسِمَ (الأبديةِ البيضاءِ)
سنابلُ اللهِ الوفيرةُ دائِمًا فيها؛
وقالت:
-"أناي" ومثلما كانت وصيتُهُ
سيجني كلَّ يومٍ سنبلاتٍ سبعةً خُضرًا،
ويتركُُ للمحبطين على هذهِ الأرضِ
زهرَ البنفسجِ.
وقبلَ الذهابِ إلى اللا مكانِ
-هناك نجاتُكَ من دورةِ الوقتِ-
كنتُ أراكَ تُهيِّئُ للحبِّ نهجًا
يسيِرُ عليهِ صِراطًا
(كمقهى صغيرٍ هو الحبُّ)فعلاً.
وقبلَ الشهيقِ الأخيرِ
أراكَ انتصرتَ كنصٍّ يلخِّصُ
تاريخَ شعبٍ قديمِ الحضارة.
أراكَ انتصرتَ علىٰ الموتِ يا الحيُّ
وأفلتَّ رأسَكَ - من كمائنهِ القويةِ-
مثلما صَنعَ الخلودُ،
هزمْتَهُ وظلَلْتَ حيًّا
مثلَما (هزمتْهُ في الدنيا
الفنونُ جميعُها)
وسخِرتَ منهُ
وأنت تَكتُبُ أولَ المُعلَّقةِ/ الجداريةِ؛ قائلاً:
(هذا هو اسمُكَ).
(صرتَ نفسَكَ في التجلي،
وأمَّ أمِّكَ في الرؤىٰ).
أظنُّ "الآنَ"
مُتَّسِعًا لروحِك.
وأنَّ مَلائِكَ الغيبِ القريبِ
من الغمام تحيكُ ثوبَكَ.
عَطَّرَتْ (برذاذِ ماءِ الوردِ والليمونِ)
-مثلما كانتَ طقوسُكَ في انتظارِك -
كلَّ جُزءٍ في الهواءِ.
أراكَ كنَسرٍ
بزهْوٍ تَحُطُّ علىٰ قِمَّةِ النظمِ،
بين انسيابِ التفاعيلِ وحدَكَ هادِئًا تمشي
فلا إيقاعَ يصخبُ في التتابُعِ بينَها،
ولا ضجيجٌ عنتريُ،
ولا المنافي،
ولا وخزةُ الصدرِ حينَ هُطولِ الرصَاصِ
ولا شيءَ مما كان لا يُعجِبُكَ في الدنيا.
رأيتُكَ قبلَ النزولِ من الباصِ حُرًّا؛
نظرتَ إلينا
-نحنُ الذين أردنَا المحطاتِ أكثرَ-
وقُلْتَ:
(وداعًا...
وداعًا لشِعْرِ الألمِ)

# إسلام سلامة

ــ الجُمل أو الكلمات بين الأقواس للراحل "محمود درويش"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى