زهير بردى - أمشي وأقودُ عمايَ إليّ

1/ قواربُ الظلّ

هشٌّ بعجبٍ ومثيرٌ بتأوّهٍ ما يتدفّقُ منّي أنا الراهب في صومعتي أتمتمُ في دهاليزٍ ضجيجِ أجوائي الطريّة، يغمغمُ جسدي مع إنانا التي تلثغُ معي منتصف الرعشةِ وتدورُ حول جهاتي الأربع. تديرُ الليلَ على قوسِ شفتيها وتصوّبُ يدها المخرومة بتأنّ تام لتتسلّلَ إلى قصبتي تصمتُ قبل اكتمال سخونةِ الحليبِ، أرتوي وأنا أحفرُ بئرًا في خاصرة أبجديّتها تنبتُ لها شامةٌ سواءً من شبقي الطري، يعبرُ بمناسبةِ العواء الورد إلى توهّجِ تأمّلي في سماع مدائحك الشقيّةِ بقيثارةٍ. تكسرُ بابَ الأسطورةِ فوقَ سريرٍ من بخارِ درويشٍ أزرق في أوّل تغريدةٍ لمراثي منفى، تسمعُهُ قرابينُ الكهنةِ في تأوهِ مزمورٍ يشهقُ من ناي السماءِ إلى طريقٍ طويلٍ. تصطفُّ على جانب قواربُ ظلّ يتدفأُ بعشبةٍ من أيّامِ الحربِ إلى نوافذ، تطلّ على أسوار أوروك يتبادلُ فيها الأحياءُ والأموات طقوسَ الحبّ بعشرين قطعةِ ثلجٍ وما تعلّقَ من أزرارٍ، تتدلّى معها الأصابعُ وتهتزُّ في فراغاتٍ تطلّ على ندى أعمى وحده يدوّن مراثي أنايَ، ويغمضُ عينيهِ في نبيذ كاهنٍ يرتّلُ الأخطاءَ النحيلة في أماكن مخفيةٍ من ثقوبهِ الأنيقةِ، فيعزفُ في الصلصالِ ويسير على الماء بأصابعه الناضحةِ بالغرينِ. يحكُّ ضوءَ حكمةٍ في طيّةٍ موسيقيّةٍ من غيمٍ يلبسُ خاتمًا، ينضحُ بماءِ الفصح

2/ في الثانية عشرة حظًّا

ميّتٌ قديم كأنّهُ مجموعة أوركسترا على الرملِ، وبغرورٍ كلّ عامٍ وتحت شعارٍ صغيرٍ مكتوب على نهدينِ بحجم عنكبوتين يمشيان إلى فمِه ويخطّانِ الضوءَ، يشيّعه بنصرٌ في وسطهِ عقربٌ أملس وجمعُ دود. المرأة في شهيق يغوي الدودَ ليتقدّمَ في زفيرٍ وتجيءُ بالطريقِ إلى الضوء. لينشغلَ بفرحٍ مهيبٍ بعيد ميلاد عتمةٍ من عطّابِ أوراق عنبٍ طازجةٍ، لتومئَ أنّها ستذهبُ إلى مكانٍ يتعرّى في غبطةِ شخصٍ. يداعبُ ماضيّهُ ويتأمّلُ أنْ يفتحَ المذكّرات على مصراعيها في الثانية عشر حظًّا بعطرِ إبطٍ متمرّدٍ يلمسُ حليبَهُ، أصحابٌ كثرٌ من أجله شخصيًّا وبالضبط له يحرقونَ سرَّ ليل الأبواب بالشمعِ والزيتِ ورائحةِ الخبز. لتفسير ما يشبهُ كلام فم يخشع لقربانٍ بكلامٍ يرتّله بطراوة الترابِ، يلاحظُ أعمى كان يقرأُ برغبةٍ لذيذةٍ أشياء يراها بإيجازٍ كثيرًا ما، تتأوّهُ برتلٍ من ذاكرةٍ سهلةٍ على المكانِ الصلصالِ وبصره. يمشي ويزيحُ آثارَ خرائب ضوءٍ يخيطُها بالماء. ويدسّها في تحفِ متحفٍ تروي الطلاسمَ وببساطةِ أسمالٍ نحيلةٍ تسعُ الترابَ كلّه، يقرأ من دون سواه مزيجًا من البوحِ النبيهِ مع حكمة تمشّطُ الضوء كله. يقرأ قمرٌ بلهفةِ رأسه الغاوي وينسلّ إلى أولى شهقةٍ غالبًا ما تكونُ من عصورٍ خجولةٍ. تتدلّى من أصابعِ الكلام، وتهتزُّ باتجاهِ ترابٍ تمشّطهُ بعذوبةِ ماءٍ وترفعُ الضوءَ إلى السماءِ مزمورًا للفصحِ

3/ تلصّص

أسترسلُ في التلصّصِ على العتمةِ من مقامِ ظلّ. يفسّرُ غموضَ البياضِ في أسمالِنا بأنّه بصرُ بستانٍ في نشوةِ ضوءٍ، يسهرُ الليلَ كلّهُ في نكهةِ وردٍ يلمسُ برعشةٍ فائقةِ الرحابِ أصابعَ فراشةٍ، تكسرُ مرايا الضوءِ من أحداقِ ماء مرميّةٍ على الطريقِ. هذا النوءُ يصعدُ باسمِ الفراغ الأسود وأكفّ آنو، تمسحُ أسمالَ النساءَ الثملاتِ بحبّ يملأ سريرهنّ الشفّافُ بعواءِ موسيقى، تتذكّر أنّها سعيدة في حضرةِ بئرٍ مقدّسٍ في متحف شمع أبيض. يلتفُّ على شخصٍ مجهول يندسّ بقامته الكلام في يوتوبيا قلائد، تطلعُ من قفصِ الكتابةِ في فمِ هدهدٍ، جسدي أعمى يسيحُ في لوتس الرؤيا ويحدّقُ في عيوني كثيرًا، وهكذا كانَ يركضُ خلفَ الخرافاتِ وينسجُ من تجاعيد جسده ما يفسّرُ ابتسامة الوردِ بعد قرابين التراتيلِ على فمِ فانوس. يضيءُ جدارَ معبدٍ وأجراسه الراعشةِ بالفراشاتِ وجنونِ الآلهة وفي طاسةِ الفصحِ السعيدة بأحفاد أوروك وطين اتونابشتم، الكلامُ الثريّا في يدِ أيّامٍ سريعةٍ بيدِ ورقةِ يانصيب في ابتسامةٍ، تتدفّقُ من روزنامات السماءِ التي تدلقُ جسدَها إلى الماء بدهاءٍ. وتطلقُ في الهواءِ سراحَ المشي فوقَ التراب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى