سعد الشلاه - حكايتي مع الورم..

في مثلِ هذا اليوم وفي باكو عاصمةِ المقامات
أخبرني طبيبٌ آذربيجاني عجوز
أنَّ ثمّةَ ورماً يعبثُ في رئتي اليسرى
شعرتُ بطعنةِ سكين تخترقُ خاصرتي
التفتُّ على غيرِ هدًى وهمستُ
(الحمدُ للهِ الذي لا يحمدُ على مكروهٍ سواه)
وأضفتُ: (كانتْ عايزة التمّتْ)
دون أن أدري تقافزت من عينيَّ الدموع
احتضنني صديقي أحمد الناجي وقال:
لا تجزعْ يا سعد؛ فقد خُلقنا للمقاومةِ والصبر
وعندما التقيتُ في إحدى الساحات بصديقي ثامر أمين
قالَ: لا تهتمْ ستقاومُه وبقوة
قاومتُهُ؛ تارةً بالكيمياوي الذي كانَ يجرّني من ناصيتي
ليبثَّ في جسدي خدراً لذيذاً ويصولُ ويجول براحتِه
ثمّ يودعني في زنزانةٍ عميقةٍ للنوم
وتارةً أخرى أقاومُه بالدعاء
الذي كان يرتفعُ بي من سريرِ اليأسِ
حتى إذا بلغتُ مقاماً بعينهِ
يهمسُ في أذني أحدُهم وأعودُ راضيا
وتاراتٍ أخر أقاومُه بالسفر الذي يُنسيني كلَّ شيء
أخوضُ في المدنِ أتسلّقُ أبراجَها
أقرأُ أكتبُ أشربُ أغازلُ الجميلاتِ وأحنُّ كثيراً إلى النزق
وها قد مرَّ عامانِ كاملان
الخبيثُ بنى عشَّهُ واستقر ونالَ من رئتي اليمنى ما شاء
وأنا ما زلتُ أقاومُه بكلِّ قواي بالحبِّ والحروف
أعضُّ على نواجذي وأرميه بأقراصِ التارسيفا*
أقراصٌ شوّهتْ جسديَ ووجهيَ وكأنني مجدور
لكنّني سأقاومُهُ حتى الموت
ولن أتبرأَ من العشق..
9 حزيران 2020
سعد الشلاه
* التارسيفا: أقراص الدواء الكيمياوي.
أعلى