بهاء المري - سَقطا في الإخراج

كان أحدهم يَزورُ الجار المُلاصق مسكنه لمَسكنهما الكائن في قلب الأرض الزراعية بعيدًا عن باقي الجيران.
انزلَقَ الحديثُ إلى سِيرتها، يَعلمُ الناسُ في القرية، بل في القرى المُجاورة أنها تُمارسُ الرَذيلةَ مع الرجال دون تَمييز، لقاءَ أجر يُحّصِّلهُ زوجها من الزبائنِ.
لم يكن الزائر مُصدقًا قولاً كهذا، تبسَّمَ مُمازحًا يَسألُ مُضَيِّفهُ:
- هل حقًا، زوجُها يعلم؟!
قال مُقهقهًا بصوتٍ عالٍ:
- بل هو الذي يُنظِّمُ المُرور!!
الدَّارَان مُتلاصقتان، ثُقُوب الجُدران تَسمَحُ بتبادُل سَماع ما يدور، يَفهم الزوج معنى السُخرية التي قيلت، في هذه اللحظةِ فقط تَثُور ثائرته، يَرغي ويُزبد، ويُقرِّر الانتقام.
يَسْتلُّ سكينًا كبيرًا من المطبخ، ويخرج قاصدا الجار، تَتبعه زوجته لتَشدُّ من أزره، يَقتحمان الدار، يُسرع الزَّائر في الاختباء قبل أن يلحَظا وجوده، يُسدِّد الزوج للجار عشرين طعنة متتالية يَسقطُ على أثرها قتيلًا في الحال.
يَحبسُ الزائرُ أنفاسهُ وهو يَختبئُ في عشَّةٍ للطيور قريبة من مكان القتيل، يَنظر الزوج إلى الجثة ثم إلى زوجته، تتجه الزوجة نحو الباب، تُطلُّ بنصف جسدها خارج الباب لتراقب الطريق، ترجع إلى الداخل، تُشيرُ إلى الجثة، وتُخاطب زوجها بصَوتٍ آمِرٍ خَشِن:
- احمله معي.
- إلى أين؟
- لا تسَلْ، واسمَع الكلام.
يَجُرَّانِ الجثة على الأرض كل من ذراع ويدخلانها دارهما، وتُكمِلُ ما كان يَدورُ بذهنها.
يُجردان القتيل من ملابسه عدا السروال، يَنقلانه إلى غرفة النوم أمام السرير، تَخلع ملابسها عدا قميص النوم، تُحدثُ بنفسها جُروحًا بالسكين في ساعدَيها، تُفهمُ زوجها ماذا سَيصنعُ لاحقًا، تَصرخُ بأعلى صَوتها: سيقتلني، سيقتلني!!
يهرع إليهما الجيران، هي بملابس النوم، والجثةُ على الأرض أمام السرير، والزوج يَصيحُ: ضبطتُهما يزنيان.
كاد الجيرانُ أن يُصدقوا، لولا شهادة الزَّائر التي أفسَدَت الإخراج.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى