خالد شاطي - إطلاقات كثيفة.. قصة قصيرة

كنت أتناول العشاء في بيت أهلي عندما أجفلتني أصوات العيارات النارية. كانت الإطلاقات كثيفة وقريبة كما لو أن معركةً اندلعت في الشارع. قفز أحد إخوتي إلى غرفته.

(( يا إلهي)) صحتُ ((ألا يستطيع المرء أن يتناول عشاءه بهدوء في هذا البلد اللعين؟ مَن تزوج؟ هل فاز المنتخب؟ أغداً عيد؟ هل نجح أحد الأولاد؟ ألا يكترث أحد للأبرياء الذين يُقتلون بالرصاص الطائش؟))

(( لقد أتوا به. )). قال أخي الأكبر.

(( ألم يجدوا غير وقت العشاء؟)) قالت زوجته.

(( ما الأمر؟)) قلت وأنا ألحظ وجوم الجميع حتى الأولاد وامتناعهم عن الأكل.

خرج أخي من غرفته حاملاً مسدساً واتجه للشارع. خرجنا كلنا خلفه. كان رذاذ خفيف يتساقط في تلك اللحظة وعكس إسفلت الشارع أضواء البيوت المتقابلة. كان الجيران قد خرجوا أيضاً وكان أناس يتقاطرون من شوارع الحي الأخرى ولم يتوقف إطلاق الرصاص. خطونا باتجاه البيت حيث كانت السيارة واقفة وعليها التابوت المغطى بالعَلَم.

(( مَن يكون؟))

(( لا تعرفهُ )) قالت زوجة أخي، ((رجل فقير جداً أجَّر بيت نعيمة منذ أشهر. لديه أربعة أطفال وزوجة حامل.))

عند الباب الذي أحاط به الحشد، كانت الزوجة ببطنها المكوّرة وشعرها المنفوش فاقدة الوعي وبعض نسوة الشارع يسعفنها. أحد أطفالها الصغار كان ينظر إليها بفم ملوث بالمرق. يبدو أنه لم يُكمِل عشاءه هو الآخر. لم يُكمِل عشاءه في هذا البلد اللعين. لفح الهواء البارد جبهتي المتعرقة. أحسست أن جسدي ثقيل، ثقيل كالرصاص، كما لو أنه مُثبّت إلى إسفلت الشارع. لم أعد أسمع شيئاً. أخذت المسدس من أخي. رفعت يدي وأطلقت الرصاص على السماء المكفهرة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى