علجية عيش - أنا و الحاسوب.. من يوميات صحافية

أنا الآن أجلس أمام حاسوبي، المذياع عن يميني و هاتفي الجوال عن يساري، تحيط بي مجموعة كتب، كناشة و قلم لتدوين ما تجود به مخيلتي، و زجاجة ماء أروي با عطشي، النافذة مفتوحة أراقب من خلالها الشمس الباردة، و بين الحين و الآخر ألتفت نحو الشمس على أمل أن تغدق علي ببعض الدفئ، لكن سرعان ما أردد و بلغتنا الشعبية : "إيه الشّيعة الشمس طالة لكن البرد قتلني"، لا استطيع أن أضع على كتفي غطاء، يزعجني حين أقرأ أو أكتب، ثم أنني أجلس أمام طاولة المطبخ حولتها إلى مكتب، حرمت أمي من الجلوس أمامها وقت الأكل، و أجبرتها على الجلوس امام المائدة، أقابلها، نرتشف فنجان القهوة ، نتبادل أطراف الحديث، استمع إلى أنينها، وهي تتذكر أحلامها الضائعة، تتذكر أيام أدت العمرة، ما تزال تذكر كل شيئ عنها، ثم تطلق تنهيدة كبيرة و تقول: تمنيت نكملها بحجّة، لكن الله غالب، الحقيقة أنا من علمتها شرب القهوة إلى درجة أننا أصبحنا مدمنتان عليها، صباحا و مساءً، لا يهم، ليس هذا موضوع حديثنا.

حياتنا روتين، ما نقوم به اليوم نعيده في اليوم الموالي و هكذا، هي حياة كل الناس طبعا ،لكن بالنسبة لنا نحن الصحافيين فحياتنا تختلف نوعا ما، أحيانا تجبرنا الظروف على العمل من البيت، و لذا نعيش بعض الفوضى، ( يد في الكتيبة و يد في الكوزينة ) نكون أحيانا مشوشين، خاصة عندما تتوفر لدينا المادة الإعلامية ، أفتح بريدي الإلكتروني فأجد بيانات و دعوات لتغطية حدث ما، ثم افتح حسابي على الفيسبوك، أجد رسائل تنتظرني ايضا ، ولأنني اكون غارقة في العمل، لا اجد وقتا للرد عليها، و أحيانا اعتذر من مراسلي، أغرس عيناي في الحاسوب، تتحرك أناملي، ثم فجأة تنقطع الإنترنت، أتلقى رسالة تقول: pas de connexion أصرخ ( آه يا وزير ؟؟؟؟ ) ثم أتمتم.. الحمد لله أرسلت بعض الأخبار، و البقية أؤجلها، أترك الحاسوب لزمن قصير ، الآن موعدي مع الكوزينة، أحضر العشاء ، أضعه على النار، أعود للحاسوب من جديد، ( وكأنه الحنين يشدني إليه )، هاهي الشمس بدأت تغرب ، تناديني أمي ( ياو فاقدي العشاء قبل ما يتحرق؟ )، و أحيانا تطلب مني أن أقيس لها نسبة السكري، و ارتفاع ضغطها الدموي أحضر لها ابرة الأنسولين ، أو أتفقد وقت دوائها، و لما تغضب مني تناديني من جديد، (كاش نهار نكسر هذاك الميكرو)، هي معاناة ألفناها، لم نعد نشتكي منها، لأننا نراه واجبٌ و نحن مطالبون بأدائه تجاه أنفسنا و تجاه الآخر، رغم التعب ، رغم قلة الإمكانيات، الكتابة شيئ آخر لا يشعر بها إلا من أحبها و عشقها..
علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى