إبراهيم محمد إبراهيم - لا تذهبُ بعيدًا..

لا تذهبُ بعيدًا
أنا السحابةُ التي ابتلعتك
سافرتُ في حائطٍ خجولٍ
يخبئ أسنانه الصدئة من سخرية الأولاد في طابور الصباح
وأنا صدى حديثِك الكوني
يهمس تحت إبطيك بباقةٍ من جبالٍ
نسيتَها في سروالك القديم فتلاشت في إناءٍ بلاستيكي قابعٍ في دورة المياه
وأنا فكرةٌ لم تلق حظًا ألقيتَها في المجارير
أسفل ممرٍ مظلمٍ تعبره كل يوم
لا تذهبُ بعيدًا
فأنا حذاؤك المتسخ
وجوربان مختلفان لفقتَهما
وأنا الأرضُ التي تمشي عليها
أنا إلهُك الذي خبأتَه في دولابٍ لا بابَ له
وأنا البنت التي هجرتك بصحبة شابٍ ما
وأنا الشاب الذي أخذ عشيقتك
وضاجعها
وأنا السرير الذي ناما عليه
لا تذهبُ بعيدًا
فأنا الاسم الذي دونته في استمارة البحث عن وظيفةٍ
وأنا الجنيهان اللذان لم يفقدهما قاع جيبك المثقوب
في زحام الباص
وأنا الثقب الذي يملأك ...
لا تذهبُ بعيدًا
أنا قصيدةٌ ممنوعةٌ ألقيتَها على درج البيت فالتقطتْها قطةٌ ودفنتْها في شارعٍ جانبي
أنا الشارع الجانبي الذي هجرتَه
وأنا الحفرة التي نسيتَها
لا تذهبُ بعيدًا
فأنا رأسك المشحون بالقبلات
وأنا المسمار الذي شد قميصك من دبرٍ
وأنا الصداع الذي صففتَه أمام مرآةٍ في مقهى مائلٍ في بلدةٍ مائلة
أيها الهارب أينما رحلت
لا تذهبُ بعيدًا

إبراهيم محمد إبراهيم
أغسطس 2016

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى