عصمت محمد بدل - الطريق الثالث.. ترجمها عن الكوردية حسن سليفاني

حاولَ أن يُطرد كل الأفكار السوداء و الذكريات المزعجة من رأسه، أملا بنوم هادىء، بعد إنقضاء يومه المشحون بالخوف. قلب عدة مرات كل الذكريات التي مازالت عالقة في ذهنه، لكي يستخلص منها لحظة سعيدة و ينسج منها حلما جميلا، لكن لم يستخلص منها غير صور القتل و التعذيب و الجوع و الهروب، حتى فقد الأمل، إتجه صوب المستقبل و نسج حلما كما يتمناه قلبه، وجد نفسه جالساً في حديقة شاسعة، برفقة فتاة سمراء جميلة، بعيون خضراء، ذات قامة طويلة، ممتلئة، تحيط بهما الأشجار الباسقة و أحواض المياه.
- و العمل؟
انه يوم راحة، عدد من الأطفال يغنون و يلعبون بالقرب منهما، و هما يقبلان بعضهما البعض.
- و البوليس؟
لا وجود للبوليس... العشاق مثنى متوزعون تحت ظلال الأشجار.
عندما قاده النوم الى عالمه، إنقطع سيل أفكاره مجدداً، ثانية يسقط في وسط الكوابيس السوداء:
- أمامك ثلاث طرق.
- .......... .
- الأول، أن تلتزم الصمت المطبق، الثاني أن تنظم إلينا و ستنال راتباً جيداً.
و الثالث.. ها...ها .... هاااا ، انت تعرفه.
عيونهم المبحلقة من خلال دخان السكاير غدت أنياب كلاب تعض جسده، عندما كانوا يوجهون اليه فوهات بنادقهم و يسمع صوت إنطلاقها، كان يستيقظ في غرفة مظلمة، يسمع تكتكة ساعة الجدار فقط، بأنفاس لاهثة و عرق بيّن و قلبه يدق بعنف، بحث عن نار، أشعل سيكارة، أملا في أن تهدأ نفسه، وميض رأس السيكارة يبدو كالجمر عندما كان يسحب نفساً منها و تغدو قنبلة ذرِّية و تنفجر و تدمِّر كل العالم. فقط هو و صديقته كانا ينجوان و على قمة جبل عال كانا يضحكان، و يصنعان لنفسيهما جناحين و يطيران نحو السماء الشاهقة.
كانت انفاسهما تضيق خلال جولتهما البعيدة الطويلة، فيعودان الى الارض المحترقة يبحثان عن رائحة البشر و يبدآن الحياة من جديد.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى