مقتطف محمود شاهين - عديقي اليهودي 14 * خديعة النبوّة بين عيسو ويعقوب!

(14)
* خديعة النبوّة بين عيسو ويعقوب!


تمتعت سارة بقصص التوراة كما يحللها عارف ويسردها . رافقتني أيضا إلى هذا اللقاء . شرع عارف في محاضرته دون ابطاء وكأنه على عجلة من أمره :

في الفصل السابع والعشرين يشيخ اسحق ويصاب بالعمى . يطلب من ابنه عيسو، الذي اعتبر الإبن الأكبرعند أبويه ، وهو ليس كذلك ، أن يأتيه بشواء من الصيد يأكله ليباركه ويرضى عنه .. تسمع رفقه الحوار وتخبر يعقوب بأن يذهب ويأتي بجديين من قطيع المعز، لتطهوهما وليقدمهما إلى أبيه على أنه عيسو لينال بركته . وهذا ما حصل بعد أن اضطرت رفقة إلى وضع جلد الجديين على عنق يعقوب ويديه حتى إذا تلمسه اسحاق يتأكد من أنه عيسو .. فالآخر كان مشعرا !! ورغم أن اسحق يشك في صوت يعقوب إلا أن الخديعة تنطلي عليه ويعلن مباركته ليعقوب على أنه عيسو . فالمباركة حسب التوراة لا تقدم إلا لواحد ، ولا نعرف لماذا، والمبارك سيكون نبيا ، ويبدو أنه لا يجوز أن يرث النبوة في العائلة نبيان .. ولا يكتشف اسحاق الخديعة إلا بعد أن جاء عيسو بالصيد وقدمه إلى أبيه ليكون الأمر قد فات وذهبت المباركة ليعقوب !


1 وحدث لما شاخ إسحاق وكلت عيناه عن النظر، أنه دعا عيسو ابنه الأكبر وقال له: يا ابني . فقال له:هأنذا

2 فقال: إنني قد شخت ولست أعرف يوم وفاتي

3 فالآن خذ عدتك: جعبتك وقوسك، واخرج إلى البرية وتصيد لي صيدا

4 واصنع لي أطعمة كما أحب، وأتني بها لآكل حتى تباركك نفسي قبل أن أموت

5 وكانت رفقة سامعة إذ تكلم إسحاق مع عيسو ابنه. فذهب عيسو إلى البرية كي يصطاد صيدا ليأتي به

6 وأما رفقة فكلمت يعقوب ابنها قائلة: إني قد سمعت أباك يكلم عيسو أخاك قائلا

7 ائتني بصيد واصنع لي أطعمة لآكل وأباركك أمام الرب قبل وفاتي

8 فالآن يا ابني اسمع لقولي في ما أنا آمرك به

9 اذهب إلى الغنم وخذ لي من هناك جديين جيدين من المعزى، فأصنعهما أطعمة لأبيك كما يحب

- وهل سيأكل اسحق جديين ؟

تساءلت سارة!

- ممكن ! أجاب عارف وتابع القراءة :


10 فتحضرها إلى أبيك ليأكل حتى يباركك قبل وفاته

11 فقال يعقوب لرفقة أمه: هوذا عيسو أخي رجل أشعر وأنا رجل أملس

12 ربما يجسني أبي فأكون في عينيه كمتهاون، وأجلب على نفسي لعنة لا بركة

13 فقالت له أمه: لعنتك علي يا ابني. اسمع لقولي فقط واذهب خذ لي

14 فذهب وأخذ وأحضر لأمه، فصنعت أمه أطعمة كما كان أبوه يحب

15 وأخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر الفاخرة التي كانت عندها في البيت وألبست يعقوب ابنها الأصغر

16 وألبست يديه وملاسة عنقه جلود جديي المعزى

هل يعقل أن تكون كثافة شعر عيسو بكثافة شعر الجديين ؟ لا نعرف على من يضحك هذا المؤلف ، على قرائه أم على الله كما يتصوره! ثم هل يحتاج يهوه إلى كل هذه المسرحية ليجعل من يعقوب نبيا ؟ هل هكذا يختار يهوه انبياءه ؟


17 وأعطت الأطعمة والخبز التي صنعت في يد يعقوب ابنها

18 فدخل إلى أبيه وقال : يا أبي. فقال: هأنذا. من أنت يا ابني

وهل يعقل أن لا يعرف اسحق صوت ابنيه بعد كل هذا العمر معهما ؟


19 فقال يعقوب لأبيه: أنا عيسو بكرك. قد فعلت كما كلمتني. قم اجلس وكل من صيدي لكي تباركني نفسك

20 فقال إسحاق لابنه: ما هذا الذي أسرعت لتجد يا ابني ؟ فقال: إن الرب إلهك قد يسر لي

21 فقال إسحاق ليعقوب: تقدم لأجسك يا ابني. أأنت هو ابني عيسو أم لا

يفترض أن لا يشك اسحق في أمر ابنه ، وطالما راوده الشك فكان ينبغي أن يكتشف الخديعة من جس الشعر.


22 فتقدم يعقوب إلى إسحاق أبيه، فجسه وقال: الصوت صوت يعقوب، ولكن اليدين يدا عيسو

كملت المسرحية! أخيرا عرف اسحق أن الصوت صوت يعقوب ، أما اليدان فيدا عيسو ! ومع ذلك صدق أن يعقوب هو عيسو ! هل نحن أمام مسرحية هزلية ؟


23 ولم يعرفه لأن يديه كانتا مشعرتين كيدي عيسو أخيه، فباركه

لم يعرفه ! هذا ما يريده المؤلف ! وليس يهوه أيضا !


24 وقال: هل أنت هو ابني عيسو ؟ فقال: أنا هو

25 فقال: قدم لي لآكل من صيد ابني حتى تباركك نفسي. فقدم له فأكل، وأحضر له خمرا فشرب

26 فقال له إسحاق أبوه : تقدم وقبلني يا ابني

27 فتقدم وقبله، فشم رائحة ثيابه وباركه، وقال: انظر رائحة ابني كرائحة حقل قد باركه الرب

فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض. وكثرة حنطة وخمر


29 ليستعبد لك شعوب، وتسجد لك قبائل. كن سيدا لإخوتك، وليسجد لك بنوأمك. ليكن لاعنوك ملعونين، ومباركوك مباركين

يفهم المؤلف نعمة الله والعدالة في استعباد الشعوب وسجود القبائل والسيادة على الأخوة . أسوأ ( عدل ) يمكن أن يتبعه إله !

لا نعرف ما هي الغاية من هذه المسرحية ، فالمباركة تقدم ليعقوب على أنه عيسو ويفترض أن تذهب لعيسو حتى لو كان الممثل يعقوب ، ولا نعرف لماذا يميز اسحق ورفقة بين ابنيهما التوأم ، فبينما تحب هي يعقوب ، يحب هو عيسو ، وإذا ما دققنا في النص أعلاه سنجد أن يعقوب كان مزارعا بدليل أن اسحق يدعو له ( بدسم الأرض وكثرة حنطة وخمر ) بينما كان عيسو كصياد راعيا . وإذا ما عدنا إلى الصراع بين قابيل وهابيل، الذي أدى إلى أن يقتل قابيل ( المزارع ) هابيل ( الراعي ) لغيرته منه، بعد أن تقبل يهوه شواءه اللاحم، ورفض تقدمة قابيل من ثمار الأرض .. نجد أن كتبة التوراة يريدون أن يقيموا هنا تصالحا بين الراعي والفلاح، أو توافقا بين مهنتي الرعي والفلاحة، فيصبح الفلاح نبيا مع احتفاظه بعمله في الزراعة والرعي معا ، فقد أحضريعقوب جديين من قطيع المعز .

إذا صح هذا التحليل ، فيمكن معرفة السبب الذي جعل الأبوين يفرقان بين ابنيهما ، فالمبارك من قبل الأب سيرث النبوة والثروة بشقيها الزراعي والحيواني، إضافة إلى السلطة والجاه والقوة والجيوش والنساء والعبيد . ومن الواضح أن اسحق يقوم بدور يهوه هنا فكل ما يباركه يتحقق وكأنه الرب !


30 وحدث عندما فرغ إسحاق من بركة يعقوب، ويعقوب قد خرج من لدن إسحاق أبيه، أن عيسو أخاه أتى من صيده

31 فصنع هو أيضا أطعمة ودخل بها إلى أبيه وقال لأبيه: ليقم أبي ويأكل من صيد ابنه حتى تباركني نفسك

صنع هو بنفسه ولم تصنع له أمه كما صنعت ليعقوب . ثم هل يصنع الطعام أم يطهى ؟


32 فقال له إسحاق أبوه : من أنت ؟ فقال: أنا ابنك بكرك عيسو

33 فارتعد إسحاق ارتعادا عظيما جدا وقال: فمن هو الذي اصطاد صيدا وأتى به إلي فأكلت من الكل قبل أن تجيء، وباركته ؟ نعم، ويكون مباركا

34 فعندما سمع عيسو كلام أبيه صرخ صرخة عظيمة ومرة جدا، وقال لأبيه: باركني أنا أيضا يا أبي

35 فقال: قد جاء أخوك بمكر وأخذ بركتك

كيف يوافق اسحق بعد أن عرف ، ولم يعاقب يعقوب ، أو يحاول أن يرفع عنه هذه البركة ! وماذا يحدث لو انه بارك عيسو أيضا ؟ هل ستنقلب الدنيا ؟


36 فقال: ألا إن اسمه دعي يعقوب، فقد تعقبني الآن مرتين أخذ بكوريتي، وهوذا الآن قد أخذ بركتي. ثم قال: أما أبقيت لي بركة

يفترض أن البكورية للإثنين كونهما ولدا معا حتى أن يعقوب كان ممسكا بعقب عيسو.. فهل كون عيسو نزل من الرحم أولا، يكون بكرا، ولا يكون يعقوب كذلك .. هل هذا منطق المؤلف أم منطق الأبوين أم منطق يهوه ؟ ثم لماذا كل هذه المسرحية ؟ ألم يكن في مقدور المؤلف أن يجعل يعقوب في المقدمة عند الولادة ؟ أم أنه في حاجة إلى قصة درامية ؟


37 فأجاب إسحاق وقال لعيسو: إني قد جعلته سيدا لك، ودفعت إليه جميع إخوته عبيدا، وعضدته بحنطة وخمر. فماذا أصنع إليك يا ابني

قدر اسحق قدر منزل !


38 فقال عيسو لأبيه: ألك بركة واحدة فقط يا أبي ؟ باركني أنا أيضا يا أبي. ورفع عيسو صوته وبكى

يبدو عيسو محقا في تساؤله .


39 فأجاب إسحاق أبوه وقال له: هوذا بلا دسم الأرض يكون مسكنك، وبلا ندى السماء من فوق

يقصد أن يبقى عيسو راعيا ، ويفترض أن الرعي لا يحتاج إلى ندى السماء !


40 وبسيفك تعيش، ولأخيك تستعبد، ولكن يكون حينما تجمح أنك تكسر نيره عن عنقك

يقصد اسحق أن عيسو سيتمرد على يعقوب ( تكسر نيره عن عنقك )


41 فحقد عيسو على يعقوب من أجل البركة التي باركه بها أبوه. وقال عيسو في قلبه: قربت أيام مناحة أبي، فأقتل يعقوب أخي !

في قصة قابيل وهابيل ، يقتل الفلاح الراعي ، وهنا سيحدث العكس ، الراعي ينوي قتل الفلاح !


42 فأخبرت رفقة بكلام عيسو ابنها الأكبر، فأرسلت ودعت يعقوب ابنها الأصغر وقالت له: هوذا عيسو أخوك متسل من جهتك بأنه يقتلك

43 فالآن يا ابني اسمع لقولي، وقم اهرب إلى أخي لابان إلى حاران

إلى حاران وليس إلى ( أرام النهرين إلى مدينة ناحور) كما ذكر حين ذهب العبد لطلب يدها إلى اسحق .


44 وأقم عنده أياما قليلة حتى يرتد سخط أخيك

45 حتى يرتد غضب أخيك عنك، وينسى ما صنعت به. ثم أرسل فآخذك من هناك. لماذا أعدم اثنيكما في يوم واحد

محاولة رفقه لمنع جريمة قتل الراعي للفلاح هذه المرة . حتى أنها تعتبر مقتل يعقوب مقتلا للإثنين ، كونها لا تحب عيسو !


46 وقالت رفقة لإسحاق: مللت حياتي من أجل بنات حث. إن كان يعقوب يأخذ زوجة من بنات حث مثل هؤلاء من بنات الأرض، فلماذا لي حياة

ستكره رفقة الحياة إن تزوج يعقوب من بنات الحثيين ( الفلسطينيين ) كما سبق ل سارة أن كرهتهن! فلماذا كل هذا الكره دون أي مبرر.

*****

* يعقوب يتغرب في بلاد خاله لابان أكثر من عشرين عاما !

في الفصل الثامن والعشرين يا يعقوب يوصي اسحق يعقوب بعدم الزواج من بنات كنعان كما أرادت رفقة، ويذهب إلى فدان أرام ويتزوج من ابنتي خاله لابان .

1فدعا إسحاق يعقوب وباركه، وأوصاه وقال له: لا تأخذ زوجة من بنات كنعان

2 قم اذهب إلى فدان أرام، إلى بيت بتوئيل أبي أمك، وخذ لنفسك زوجة من هناك، من بنات لابان أخي أمك

3 والله القدير يباركك ، ويجعلك مثمرا، ويكثرك فتكون جمهورا من الشعوب

4 ويعطيك بركة إبراهيم لك ولنسلك معك، لترث أرض غربتك التي أعطاها الله لإبراهيم

5 فصرف إسحاق يعقوب فذهب إلى فدان أرام، إلى لابان بن بتوئيل الأرامي، أخي رفقة أم يعقوب وعيسو


6 فلما رأى عيسو أن إسحاق بارك يعقوب وأرسله إلى فدان أرام ليأخذ لنفسه من هناك زوجة، إذ باركه وأوصاه قائلا: لا تأخذ زوجة من بنات كنعان

7 وأن يعقوب سمع لأبيه وأمه وذهب إلى فدان أرام

8 رأى عيسو أن بنات كنعان شريرات في عيني إسحاق أبيه

9 فذهب عيسو إلى إسماعيل وأخذ محلة بنت إسماعيل بن إبراهيم، أخت نبايوت، زوجة له على نسائه

وهذه الزيجة لعيسو من ابنة عمه لم تجد قبولا أيضا ، لأن عيسو بات في حكم المنبوذين ، كما أنه سبق له أن تزوج اثنتين من بنات الحثيين الفلسطينيين .

10 فخرج يعقوب من بئر سبع وذهب نحو حاران

11 وصادف مكانا وبات هناك لأن الشمس كانت قد غابت، وأخذ من حجارة المكان ووضعه تحت رأسه، فاضطجع في ذلك المكان

في الطريق إلى حاران تنزل النبوة على يعقوب بظهور يهوة واقفا على رأس سلم ينتصب من الأرض إلى السماء والملائكة يصعدون وينزلون عليه :

12 ورأى حلما، وإذا سلم منصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء، وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة

يفترض أن الملائكة لا يحتاجون إلى سلم للصعود إلى السماء والنزول منها !

عقبت سائرة قائلة وهي تضحك :

- وكيف عرف يعقوب أن رأس السلم في السماء البعيدة ؟ هل رأى ذلك !

- الأنبياء يرون ما لا يراه الآخرون يا سارة ! ثم إن الرب كان واقفا على رأس السلم !

رد عارف ! فيما سارة شرعت في الضحك بملء فيها.

13 وهوذا الرب واقف عليها، فقال: أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله إسحاق. الأرض التي أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك

- الأرض التي هو مضجع عليها فقط ؟ هذه لا شيء!

- المعنى رمزي . المقصود الأرض الكنعانية كلها .


14 ويكون نسلك كتراب الأرض، وتمتد غربا وشرقا وشمالا وجنوبا، ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض

- كم مرة سيهب يهوة الأرض ويكثر النسل ، لم يترك أحدا من العائلة إلى ووهبه الأرض ووعده بنسل كتراب الأرض أو كنجوم السماء!

- كإله يحق له ما لا يحق لغيره . أليس هذا ما يريده المؤلف؟


15 وها أنا معك، وأحفظك حيثما تذهب، وأردك إلى هذه الأرض، لأني لا أتركك حتى أفعل ما كلمتك به

16 فاستيقظ يعقوب من نومه وقال: حقا إن الرب في هذا المكان وأنا لم أعلم

17 وخاف وقال: ما أرهب هذا المكان ما هذا إلا بيت الله، وهذا باب السماء

18 وبكر يعقوب في الصباح وأخذ الحجر الذي وضعه تحت رأسه وأقامه عمودا، وصب زيتا على رأسه

19 ودعا اسم ذلك المكان بيت إيل، ولكن اسم المدينة أولا كان لوز

يعقوب يدعو المكان بيت إيل . وإيل إله كنعاني كما أسلفنا، والواقف أعلى السلم هو الرب فلماذا لم يدع المكان بيت الرب ، أو بيت الرب يهوه ، لماذا بيت إيل ؟ لقد سبق وأن أشرنا إلى أن أسماء مختلفة أطلقها كتبة التوراة - وربما المستشرقون أيضا - على يهوة ، ليقولوا لنا أن يهوة يحمل هذه الأسماء كلها .

20 ونذر يعقوب نذرا قائلا: إن كان الله معي، وحفظني في هذا الطريق الذي أنا سائر فيه ، وأعطاني خبزا لآكل وثيابا لألبس

21 ورجعت بسلام إلى بيت أبي، يكون الرب لي إلها

يشترط يعقوب اتباع عبودية يهوه بمطالب لا تكاد تذكر أمام وعود يهوه ، فالأمر بالنسبة له في الوضع الذي هو فيه ، لا يتعدى الخبز والملابس !

22 وهذا الحجر الذي أقمته عمودا يكون بيت الله، وكل ما تعطيني فإني أعشره لك
*****

* خال يعقوب يخدعه ويزوجه ليئة بدلا من راحيل !

في الفصل التاسع والعشرين يتابع يعقوب مسيره إلى أن يبلغ أرض حاران . يجيء إلى بئر عليها ثلاثة رعاة بقطعانهم ، وعلى بابها حجر كبير لا يستطيعون رفعه إلا إذا تجمعوا .. عرف منهم أنهم من قوم خاله لابان . ويلاحظ هنا أن المجتمع رعوي بالدرجة الأولى .

وحين أشاروا إلى ابنة خاله راحيل قادمة بقطيعها إلى البئر سارع إلى دحرجة الحجر وحده عن باب البئر ليسقي غنم خاله وليحقق أول معجزة:


1 ثم رفع يعقوب رجليه وذهب إلى أرض بني المشرق

2 ونظر وإذا في الحقل بئر وهناك ثلاثة قطعان غنم رابضة عندها، لأنهم كانوا من تلك البئر يسقون القطعان، والحجر على فم البئر كان كبيرا

3 فكان يجتمع إلى هناك جميع القطعان فيدحرجون الحجر عن فم البئر ويسقون الغنم، ثم يردون الحجر على فم البئر إلى مكانه

4 فقال لهم يعقوب: يا إخوتي، من أين أنتم ؟ فقالوا: نحن من حاران

5 فقال لهم: هل تعرفون لابان ابن ناحور ؟ فقالوا: نعرفه

6 فقال لهم: هل له سلامة ؟ فقالوا: له سلامة. وهوذا راحيل ابنته آتية مع الغنم

7 فقال: هوذا النهار بعد طويل. ليس وقت اجتماع المواشي. اسقوا الغنم واذهبوا ارعوا

8 فقالوا: لا نقدر حتى تجتمع جميع القطعان ويدحرجوا الحجر عن فم البئر، ثم نسقي الغنم

9 وإذ هو بعد يتكلم معهم أتت راحيل مع غنم أبيها، لأنها كانت ترعى

10 فكان لما أبصر يعقوب راحيل بنت لابان خاله، وغنم لابان خاله، أن يعقوب تقدم ودحرج الحجر عن فم البئر وسقى غنم لابان خاله

11 وقبل يعقوب راحيل ورفع صوته وبكى

12 وأخبر يعقوب راحيل أنه أخو أبيها، وأنه ابن رفقة، فركضت وأخبرت أباها

لا أعرف ما هو المقصود ب (أخو أبيها) هل هو خطأ، أم تعبير مجازي عن القرابة .


13 فكان حين سمع لابان خبر يعقوب ابن أخته أنه ركض للقائه وعانقه وقبله وأتى به إلى بيته . فحدث لابان بجميع هذه الأمور

14 فقال له لابان: إنما أنت عظمي ولحمي. فأقام عنده شهرا من الزمان

15 ثم قال لابان ليعقوب : ألأنك أخي تخدمني مجانا ؟ أخبرني ما أجرتك

16 وكان للابان ابنتان ، اسم الكبرى ليئة واسم الصغرى راحيل

17 وكانت عينا ليئة ضعيفتين، وأما راحيل فكانت حسنة الصورة وحسنة المنظر

18 وأحب يعقوب راحيل، فقال: أخدمك سبع سنين براحيل ابنتك الصغرى

19 فقال لابان: أن أعطيك إياها أحسن من أن أعطيها لرجل آخر. أقم عندي

20 فخدم يعقوب براحيل سبع سنين، وكانت في عينيه كأيام قليلة بسبب محبته لها

21 ثم قال يعقوب للابان : أعطني امرأتي لأن أيامي قد كملت، فأدخل عليها

22 فجمع لابان جميع أهل المكان وصنع وليمة

23 وكان في المساء أنه أخذ ليئة ابنته وأتى بها إليه، فدخل عليها

أي خال هذا الذي يغش ابن اخته في عروسه بعد خدمة سبع سنين ؟!


24 وأعطى لابان زلفة جاريته لليئة ابنته جارية

25 وفي الصباح إذا هي ليئة، فقال للابان: ما هذا الذي صنعت بي ؟ أليس براحيل خدمت عندك ؟ فلماذا خدعتني

هل يعقل أيضا أن يعقوب دخل على ليئة وضاجعها ولم يعرف أنها ليئة وليست راحيل ؟ وكيف قبلت ليئة بالأمر الذي فرض عليها ، ولم تخبر أختها أو يعقوب ليلة الدخلة ، ثم ألم تر راحيل أن يعقوب يدخل على اختها وليس عليها ؟ أإلى هذا الحد تبلغ السذاجة في التأليف ، وكي يصدق الناس هذا التلفيق ؟ أم أنهم يقرأون دون أن يفكروا ؟

- يبدو الأمر كذلك !

أجابت سارة .


26 فقال لابان: لا يفعل هكذا في مكاننا أن تعطى الصغيرة قبل البكر

هل تذكر لابان هذا الكلام الآن بعد أن سكت عليه سبع سنين ؟ أي محتال هذا الخال ؟ ولماذا لم يجعل المؤلف يهوه يتدخل في المسألة ، وأتاح للابان أن يتصرف بمنتهى اللؤم والمكر!


27 أكمل أسبوع هذه، فنعطيك تلك أيضا، بالخدمة التي تخدمني أيضا سبع سنين أخر

28 ففعل يعقوب هكذا. فأكمل أسبوع هذه، فأعطاه راحيل ابنته زوجة له

29 وأعطى لابان راحيل ابنته بلهة جاريته جارية لها

30 فدخل على راحيل أيضا ، وأحب أيضا راحيل أكثر من ليئة. وعاد فخدم عنده سبع سنين أخر

أربع عشرة سنة خدمة ! وهكذا أصبح يعقوب متزوجا من أختين !


31 ورأى الرب أن ليئة مكروهة ففتح رحمها، وأما راحيل فكانت عاقرا

عجيبة رؤية الرب هذه . يفتح رحم المكروهة ! ويترك رحم العاقر مغلقا !


32 فحبلت ليئة وولدت ابنا ودعت اسمه رأوبين، لأنها قالت: إن الرب قد نظر إلى مذلتي. إنه الآن يحبني رجلي

33 وحبلت أيضا وولدت ابنا، وقالت: إن الرب قد سمع أني مكروهة فأعطاني هذا أيضا. فدعت اسمه شمعون

34 وحبلت أيضا وولدت ابنا، وقالت: الآن هذه المرة يقترن بي رجلي، لأني ولدت له ثلاثة بنين. لذلك دعي اسمه لاوي

35 وحبلت أيضا وولدت ابنا وقالت: هذه المرة أحمد الرب. لذلك دعت اسمه يهوذا. ثم توقفت عن الولادة

******

*صراع راحيل وليئة على الإنجاب .

في الفصل (30 تكوين) تغار راحيل من أختها وتطلب إلى يعقوب أن يهبها أبناء وإلا فستموت ! يغضب ويعلن أنه ليس الله الذي منع عنها الحمل .

1 فلما رأت راحيل أنها لم تلد ليعقوب، غارت راحيل من أختها، وقالت ليعقوب: هب لي بنين ، وإلا فأنا أموت

2 فحمي غضب يعقوب على راحيل وقال: ألعلي مكان الله الذي منع عنك ثمرة البطن

يتأكد هنا مفهوم الإنجاب الذي يتم بفعل الإرادة الإلهية وليس بفعل مواقعة الرجل للأنثى . رغم أن نساء الأنبياء العاقرات يلجأن إلى جواريهن ويدفعنهن نحو الأزواج كما مر معنا .. ثم لماذا لا تكتفي راحيل بأبناء أختها وتريد أبناء لها من الجواري ؟!

3 فقالت: هوذا جاريتي بلهة، ادخل عليها فتلد على ركبتي، وأرزق أنا أيضا منها بنين

تبدو راحيل هنا متأكدة من أن جاريتها ستنجب متجاهلة رأي يعقوب في مسؤولية الله عن الحمل .

4 فأعطته بلهة جاريتها زوجة، فدخل عليها يعقوب

5 فحبلت بلهة وولدت ليعقوب ابنا

6 فقالت راحيل: قد قضى لي الله وسمع أيضا لصوتي وأعطاني ابنا. لذلك دعت اسمه دانا

عادت راحيل إلى دور الإرادة الإلهية التي تجاهلتها .

7 وحبلت أيضا بلهة جارية راحيل وولدت ابنا ثانيا ليعقوب

والجواري في العادة يكن ولودات بعكس السيدات ، ربما لأن يهوه لا يسعى كثيرا لإثراء أبنائهن.

8 فقالت راحيل: مصارعات الله قد صارعت أختي وغلبت. فدعت اسمه نفتالي

تقصد أنها انتصرت على أختها بإرادة إلهية صارعت أختها ! غير أن الصراع بين الأختين تأجج :

9 ولما رأت ليئة أنها توقفت عن الولادة، أخذت زلفة جاريتها وأعطتها ليعقوب زوجة

10 فولدت زلفة جارية ليئة ليعقوب ابنا

11 فقالت ليئة: بسعد. فدعت اسمه جادا

12 وولدت زلفة جارية ليئة ابنا ثانيا ليعقوب

13 فقالت ليئة: بغبطتي ، لأنه تغبطني بنات. فدعت اسمه أشير

14 ومضى رأوبين في أيام حصاد الحنطة فوجد لفاحا في الحقل وجاء به إلى ليئة أمه. فقالت راحيل لليئة: أعطيني من لفاح ابنك

وهذا اللفاح يسمى تفاح الجنة حسب تفسير الكنيسة وهو نبات يحبب الزوج لزوجته حسب المعتقد !

15 فقالت لها: أقليل أنك أخذت رجلي فتأخذين لفاح ابني أيضا ؟ فقالت راحيل: إذا يضطجع معك الليلة عوضا عن لفاح ابنك

وتنجح الصفقة !

16 فلما أتى يعقوب من الحقل في المساء، خرجت ليئة لملاقاته وقالت: إلي تجيء لأني قد استأجرتك بلفاح ابني. فاضطجع معها تلك الليلة

17 وسمع الله لليئة فحبلت وولدت ليعقوب ابنا خامسا

18 فقالت ليئة: قد أعطاني الله أجرتي، لأني أعطيت جاريتي لرجلي. فدعت اسمه يساكر

19 وحبلت أيضا ليئة وولدت ابنا سادسا ليعقوب

20 فقالت ليئة: قد وهبني الله هبة حسنة. الآن يساكنني رجلي، لأني ولدت له ستة بنين . فدعت اسمه زبولون

21 ثم ولدت ابنة ودعت اسمها دينة

هذا الحشد من الأبناء لم يكتمل بعد فما تزال راحيل تنتظر أن يتذكرها يهوه ، الذي اقتصرت مخاطبته على الله هنا وليس الرب أو يهوه :

22 وذكر الله راحيل، وسمع لها الله وفتح رحمها

ما هي الحكمة في عدم فتح رحم راحيل إلا بعد هذا الكم من الأبناء والزوجات .. هل لو جعلها يهوة تنجب من البداية لحال ذلك دون زواج يعقوب من الجواري ؟ وهل الزواج من الجواري والإنجاب منهن غايته زرع النزاع بين الأختين ؟

23 فحبلت وولدت ابنا فقالت: قد نزع الله عاري

24 ودعت اسمه يوسف قائلة: يزيدني الرب ابنا آخر

ومع يوسف سيـتغير تاريخ بني اسرائيل كله !

25 وحدث لما ولدت راحيل يوسف أن يعقوب قال للابان: اصرفني لأذهب إلى مكاني وإلى أرضي

26 أعطني نسائي وأولادي الذين خدمتك بهم فأذهب، لأنك أنت تعلم خدمتي التي خدمت

وطالب لابان باجرته عن عشرين عاما . وكانت قطعان أغنام لابان ومواشيه قد أصبحت هائلة بفضل بركته . فطلب إليه لابان أن يختار . فطرح يعقوب عليه طريقة بفرز القطعان إلى قسمين :

" 32 اجتاز بين غنمك كلها اليوم واعزل أنت منها كل شاة رقطاء وبلقاء وكل شاة سوداء بين الخرفان وبلقاء ورقطاء بين المعزى فيكون مثل ذلك اجرتي ".

المقصود هنا كما فهمت هو كم مقابل كم .

وهذا يعني باختصار( رغم غموض النص ) عزل كل ما هو مرقط ومنقط عما هو غيرمرقط ومنقط . أي المعز السود والنعاج والخراف البيض . والأخيران سيكونان حصة يعقوب.

33 ويشهد في بري يوم غد إذا جئت من أجل أجرتي قدامك. كل ما ليس أرقط أو أبلق بين المعزى وأسود بين الخرفان فهو مسروق عندي

34 فقال لابان: هوذا ليكن بحسب كلامك

. يفرز لابان المنقط والمرقط فيبلغ حجمه مسير ثلاثة أيام !! ويلجأ يعقوب إلى الخديعة فيورد القطعان وهي في حالة وحم إلى الماء ويقوم بتقشير أجزاء في قضبان لتبدو مرقطة فتتوحم الأغنام عليها فتلد خرافا وسخالا مرقطة !

35 فعزل في ذلك اليوم التيوس المخططة والبلقاء، وكل العناز الرقطاء والبلقاء، كل ما فيه بياض وكل أسود بين الخرفان، ودفعها إلى أيدي بنيه

36 وجعل مسيرة ثلاثة أيام بينه وبين يعقوب، وكان يعقوب يرعى غنم لابان الباقية

وهل يعقل هذا ؟! ما هذه القطعان التي يغطي حجمها مسيرة ثلاثة أيام أي بطول 65 كم كما حددته الكنيسة ، دون أن تحدد عرض الأرض التي انتشرت عليها القطعان . وكيف استطاع لابان اجتيازها ليقوم بالفرز ،وكيف تمكن من فرزها

هل عمل ليلا نهارا ، أم أنه قام بعمل ثلاثة أيام في ساعات ؟

37 فأخذ يعقوب لنفسه قضبانا خضرا من لبنى ولوز ودلب، وقشر فيها خطوطا بيضا، كاشطا عن البياض الذي على القضبان

وهل قشر يعقوب آلاف القضبان واستطاع أن يعرضها أمام عشرات آلاف الأغنام وحده ،وخلال يوم أم أسابيع ؟

38 وأوقف القضبان التي قشرها في الأجران في مساقي الماء حيث كانت الغنم تجيء لتشرب، تجاه الغنم، لتتوحم عند مجيئها لتشرب

39 فتوحمت الغنم عند القضبان، وولدت الغنم مخططات ورقطا وبلقا

توحمت وولدت على الفور خرافا وسخالا بألوان مخططة ومرقطة ، والله راحت على شارلز داروين الذي لم يعرف أن الإنتخاب الطبيعي يمكن أن يتم بسرعات هائلة يهووية ! وسيقطع يعقوب بهذه الخراف والسخال التي ولدت للتو مئات الكيلو مترات ليعود إلى بلاد كنعان !!

40 وأفرز يعقوب الخرفان وجعل وجوه الغنم إلى المخطط وكل أسود بين غنم لابان. وجعل له قطعانا وحده ولم يجعلها مع غنم لابان

41 وحدث كلما توحمت الغنم القوية أن يعقوب وضع القضبان أمام عيون الغنم في الأجران لتتوحم بين القضبان

42 وحين استضعفت الغنم لم يضعها، فصارت الضعيفة للابان والقوية ليعقوب

43 فاتسع الرجل كثيرا جدا، وكان له غنم كثير وجوار وعبيد وجمال وحمير .

رأي الكنيسة المبجلة المختلف في الأمر للقس أنطونيوس فكري. موقع الأنبا تكلا:

(أجتاز بين غنمك.. وأعزل أنت: أي الاثنين يمران سويًا لكن لابان هو الذي يعزل ويختار ويشرف علي عملية الفصل ليضمن حقه. فيكون مثل ذلك أجرتي: أي بعد عزل كل ما هو بلقاء ورقطاء يبقي ما هو أبيض وما هو أسود. وناتج هذا القطيع الأبيض والأسود كل ما يوجد فيه من بلق ورقط مثل الذي عزله لابان يكون من نصيب يعقوب.)

(قبل لابان عرض يعقوب لأنه افترض أن القطيع الأبيض والأسود سيكون نتاجه غالبًا أبيض وأسود وأن البلقاء والرقطاء فيه أي نصيب يعقوب المتفق عليه سيكون هو القليل. ولابان قبل العرض نتيجة جشعه وطمعه ظانا بهذا أنه سيخرج بنصيب الأسد)

القس يرى أن حصة يعقوب ستكون مما ستلده القطعان مما هو مرقط ، وفي هذه الحال ستكون الأمهات من معز ونعاج من نصيب من ؟

ويرى القس أن يعقوب لجأ إلى الخديعة :

(ولكن نجد يعقوب مرة أخرى يسقط في الحلول البشرية والخداع والمكر. فنجده يقشر أعواد بعض النباتات حتى تبدو منقطة ويضعها أمام الغنم التي ستلد حينما يجد الغنم قوية. وهو اعتمد علي فكرة الوحم عند الإناث اللواتي يلدن. فحينما تتوحم الشاة التي ستلد وأمامها ألوان منقطة تكون الشاة المولودة منقطة.)

أنا أرى أن يعقوب بفعلته أخذ القطعان السود والبيض وكل ما أنجبته .. يقول لزوجتيه في الفصل 31 :

6 وأنتما تعلمان أني بكل قوتي خدمت أباكما

7 وأما أبوكما فغدر بي وغير أجرتي عشر مرات. لكن الله لم يسمح له أن يصنع بي شرا

8 إن قال هكذا: الرقط تكون أجرتك، ولدت كل الغنم رقطا. وإن قال هكذا: المخططة تكون أجرتك، ولدت كل الغنم مخططة

9 فقد سلب الله مواشي أبيكما وأعطاني

14 فأجابت راحيل وليئة وقالتا له: ألنا أيضا نصيب وميراث في بيت أبينا

15 ألم نحسب منه أجنبيتين، لأنه باعنا وقد أكل أيضا ثمننا

16 إن كل الغنى الذي سلبه الله من أبينا هو لنا ولأولادنا، فالآن كل ما قال لك الله افعل

17 فقام يعقوب وحمل أولاده ونساءه على الجمال

18 وساق كل مواشيه وجميع مقتناه الذي كان قد اقتنى: مواشي اقتنائه التي اقتنى في فدان أرام، ليجيء إلى إسحاق أبيه إلى أرض كنعان

*******

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى